للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرَّجُلُ ذَاتَ مَحْرَمٍ مِنْهُ؟ قَالَ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ وَلَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ قَدِمَ مِنْ الْغَزْوِ قَبَّلَ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -» ، وَكَذَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ قَبَّلَ أُخْتَهُ.

وَتَقَدَّمَ تَقْبِيلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاطِمَةَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ. وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي هِجْرَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ أَبَا بَكْرٍ اشْتَرَى مِنْ عَازِبٍ رَحْلًا فَحَمَلَهُ مَعَهُ ابْنُهُ الْبَرَاءُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - قَالَ الْبَرَاءُ فَدَخَلْت مَعَ أَبِي بَكْرٍ عَلَى أَهْلِهِ فَإِذَا عَائِشَةُ بِنْتُهُ مُضْطَجِعَةً قَدْ أَصَابَتْهَا حُمَّى فَرَأَيْت أَبَاهَا يُقَبِّلُ خَدَّهَا وَقَالَ كَيْفَ أَنْتِ يَا بُنَيَّةُ وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.

وَقَوْلُ النَّاظِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (افْهَمْ) وَالْمُرَادُ افْهَمْ الْحُكْمَ الْمُرَادَ مِنْ النَّظْمِ بِالْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِي سُنَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَقَيِّدْ) الْحِلَّ بِذَوَاتِ الْمَحَارِمِ يَعْنِي مَنْ لَا يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهِنَّ، وَإِيَّاكَ مِنْ حَمْلِ كَلَامِي عَلَى الْإِطْلَاقِ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ بِالِاتِّفَاقِ هَذَا سِرُّ قَوْلِ النَّظْمِ افْهَمْ وَقَيِّدْ، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

وَأَمَّا اخْتِصَاصُ الْكَرَاهَةِ بِالتَّقْبِيلِ عَلَى الْفَمِ فَنَصُّوا عَلَيْهَا قَالُوا وَلَكِنْ لَا يَفْعَلُهُ عَلَى الْفَمِ أَبَدًا بَلْ عَلَى الْجَبْهَةِ وَالرَّأْسِ وَذَلِكَ قَلَّ أَنْ يَقَعَ كَرَامَةً بَلْ شَهْوَةً كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ، وَالْمُرَادُ أَيْضًا غَيْرُ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ الْمُبَاحَةِ فَلَا يُكْرَهُ تَقْبِيلُهُمَا عَلَى الْفَمِ، وَهُوَ مَفْهُومٌ أَيْضًا مِنْ قَوْلِ النَّاظِمِ افْهَمْ وَقَيِّدْ، وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا خَفَاءَ فِيهِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

وَنَزْعُ يَدِ مَنْ يُصَافِحُ عَاجِلًا ... وَأَنْ يَتَنَاجَى الْجَمْعُ مَا دُونَ مُفْرَدِ

(وَ) وَيُكْرَهُ تَنْزِيهًا لِلْمُصَافِحِ (نَزْعُ يَدِهِ) (مِنْ) يَدِ (مَنْ) أَيْ الَّذِي (يُصَافِحُهُ عَاجِلًا) أَيْ سَرِيعًا حَتَّى يَنْزِعَ الْأَجْنَبِيُّ يَدَهُ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ وَالْفُصُولِ: يُكْرَهُ نَزْعُ يَدِهِ مِنْ يَدِ مَنْ يُصَافِحُهُ قَبْلَ نَزْعِهِ هُوَ إلَّا مَعَ حَيَاءٍ أَوْ مَضَرَّةِ التَّأْخِيرِ، وَقَالَ سَيِّدُنَا الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ: وَلَا يَنْزِعُ يَدَهُ حَتَّى يَنْزِعَ الْآخَرُ يَدَهُ إذَا كَانَ هُوَ الْمُبْتَدِئَ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ طَيَّبَ اللَّهُ ثَرَاهُ: الضَّابِطُ أَنَّ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الْآخَرَ سَيَنْزِعُ أَمْسَكَ وَإِلَّا فَلَوْ اُسْتُحِبَّ الْإِمْسَاكُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَفْضَى إلَى دَوَامِ الْمُعَاقَدَةِ لَكِنَّ تَقْيِيدَ الشَّيْخِ عَبْدِ الْقَادِرِ حَسَنٌ أَنَّ النَّازِعَ هُوَ الْمُبْتَدِئُ. انْتَهَى كَلَامُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>