للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ. .

(وَأَوْجِبْ) أَنْتَ اعْتِمَادًا عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ (طَوْعَهُ) أَيْ الْوَلَدِ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ.

قَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي كِتَابِ الْإِجْمَاعِ قَبْلَ السَّبْقِ وَالرَّمْيِ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ بِرَّ الْوَالِدَيْنِ فَرْضٌ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ بِرَّ الْجَدِّ فَرْضٌ. قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: كَذَا قَالَ: وَمُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَاجِبٌ. وَنُقِلَ الْإِجْمَاعُ فِي الْجَدِّ فِيهِ نَظَرٌ، وَلِهَذَا عِنْدَنَا يُجَاهِدُ الْوَلَدُ وَلَا يَسْتَأْذِنُ الْجَدَّ وَإِنْ سَخِطَ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَغَيْرِهِ: بِرُّ الْوَالِدَيْنِ وَاجِبٌ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي زَادِ الْمُسَافِرِ: مَنْ أَغْضَبَ وَالِدَيْهِ وَأَبْكَاهُمَا يَرْجِعُ فَيُضْحِكُهُمَا لِأَنَّ «رَجُلًا جَاءَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُبَايِعُهُ فَقَالَ جِئْت لِأُبَايِعَك عَلَى الْجِهَادِ وَتَرَكْت أَبَوَيَّ يَبْكِيَانِ، قَالَ ارْجِعْ إلَيْهِمَا فَأَضْحِكْهُمَا كَمَا أَبْكَيْتَهُمَا» وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بَعْدَ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ هَذَا يَقْتَضِي قَوْلَهُ أَنْ يُبَرَّا فِي جَمِيعِ الْمُبِيحَاتِ، فَمَا أَمَرَاهُ ائْتَمَرَ وَمَا نَهَيَاهُ انْتَهَى، وَهَذَا فِيمَا كَانَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَهُمَا وَلَا ضَرَرُ عَلَيْهِ فِيهِ ظَاهِرٌ، مِثْلُ تَرْكِ السَّفَرِ وَتَرْكِ الْمَبِيتِ عَنْهُمَا نَاحِيَةً.

وَلِذَا قَالَ النَّاظِمُ أَوْجِبْ طَاعَةَ الْوَالِدَيْنِ (سِوَى فِي) مُعْطَاةِ شَيْءٍ (حَرَامٍ) فَلَا طَاعَةَ لَهُمَا عَلَى الْوَلَدِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ الْخَلْقَ أَشَدُّ طَاعَةً فَلَا يُعْصَى لِأَجْلِ طَاعَتِهِمَا (أَوْ) أَيْ: وَسِوَى (لِأَمْرٍ) مِنْ أُمُورِ الدِّينِ، وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ لِفِعْلٍ، وَفِي أُخْرَى وَذَكَرَهَا صَاحِبُ الْآدَابِ الْكُبْرَى أَوْ لِنَفْلٍ (مُؤَكَّدٍ) عَلَيْهِ إتْيَانُهُ وَمُعَاطَاتُهُ كَالرَّاتِبَةِ وَهِيَ أَصَحُّ. وَاقْتَصَرَ الْحَجَّاوِيُّ عَلَى ذِكْرِ النُّسْخَةِ الْأُولَى يَعْنِي أَوْ لِأَمْرٍ وَمُرَادُهُ غَيْرُ وَاجِبٍ إذَا نَهَيَاهُ عَنْهُ فَلَا تَجِبُ طَاعَتُهُمَا، بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يُبَادِرَ لِفِعْلِ الْأَمْرِ الْمُؤَكَّدِ عَلَيْهِ وَلَا يَلْتَفِتُ لِنَهْيِهِمَا.

نَعَمْ يَأْخُذُ بِخَاطِرِهِمَا وَلَا يُدَارِيهِمَا

كَتِطْلَابِ عِلْمٍ لَا يَضُرُّهُمَا بِهِ ... وَتَطْلِيقِ زَوْجَاتٍ بِرَأْيٍ مُجَرَّدِ

(كَمَا) إذَا نَهَيَاهُ عَنْ (تِطْلَابِ عِلْمٍ) غَيْرِ وَاجِبٍ عَلَيْهِ حَيْثُ (لَا يَضُرُّهُمَا) أَيْ الْوَالِدَيْنِ (بِهِ) أَيْ بِطَلَبِهِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بْنُ تَيْمِيَّةَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاَلَّذِي يَنْتَفِعُ بِهِ الْأَبَوَانِ وَلَا يَضُرُّ هُوَ بِطَاعَتِهِمَا فِيهِ قِسْمَانِ قِسْمٌ يَضُرُّهُمَا تَرْكُهُ فَهَذَا لَا يُسْتَرَابُ فِي وُجُوبِ طَاعَتِهِمَا فِيهِ، بَلْ عِنْدَنَا هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>