يَقْتَضِي ذَلِكَ أَمَّا لَوْ تَرَكَهَا حَتَّى فَرَغَ سَقَطَتْ لِعَدَمِ الْقِرَاءَةِ، وَيُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ الْبَسْمَلَةِ فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا نَصًّا، وَالْمُرَادُ سِوَى بَرَاءَةٍ فَيُكْرَهُ، وَإِنْ اعْتَقَدَ ذَلِكَ قُرْبَةً مُنِعَ مِنْهُ، فَإِنْ قَرَأَ مِنْ بَعْضِ السُّورَةِ فَلَا بَأْسَ بِقِرَاءَتِهَا نَصًّا، وَإِنْ قَرَأَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْإِخْفَاتِ نَصًّا.
قَالَ الْقَاضِي: مَحْصُولُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ كَمَا كَانَ مُخَيَّرًا فِي أَصْلِ الْقِرَاءَةِ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ وَالِاسْتِعَاذَةِ. وَعَنْهُ يَجْهَرُ بِهَا مَعَ الْقِرَاءَةِ. وَعَنْهُ لَا.
(السَّادِسَةُ) قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي الْمُصْحَفِ أَفْضَلُ. قَالَ الْقَاضِي: إنَّمَا اخْتَارَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ قِرَاءَةَ الْمُصْحَفِ لِلْأَخْبَارِ أَيْ وَلِيَجْمَعَ بَيْنَ فَضِيلَتِي الذِّكْرِ وَالنَّظَرِ، فَإِنَّ النَّظَرَ فِي الْقُرْآنِ عِبَادَةٌ.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُوَيْسٍ الثَّقَفِيِّ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قِرَاءَةُ الرَّجُلِ الْقُرْآنَ فِي غَيْرِ الْمُصْحَفِ أَلْفَ دَرَجَةٍ، وَقِرَاءَتُهُ فِي الْمُصْحَفِ تُضَاعَفُ عَلَى ذَلِكَ إلَى أَلْفَيْ دَرَجَةٍ» قَالَ صَاحِبُ الْآدَابِ الْكُبْرَى: كَذَا نَقَلْته مِنْ خَطِّ ضِيَاءِ الدِّينِ. قَالَ وَذَكَرَ الْحَافِظُ أَبُو مُوسَى فِي الْوَظَائِفِ فِي ذَلِكَ آثَارًا قَالَ وَفِي الْحَدِيثِ «النَّظَرُ فِي الْمُصْحَفِ عِبَادَةٌ» .
وَرُوِيَ أَنَّ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَرْفُوعًا «مَنْ قَرَأَ مِائَتَيْ آيَةٍ كُلَّ يَوْمٍ نَظَرًا شَفَعَ فِي سَبْعَةِ قُبُورٍ حَوْلَ قَبْرِهِ وَخَفَّفَ الْعَذَابَ عَنْ وَالِدَيْهِ وَإِنْ كَانَا مُشْرِكَيْنِ» وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ غَيْرُ ثَابِتٍ. وَمِنْ ثَمَّ حَذَفَهُ الْيُونِينِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ لِلْآدَابِ الْكُبْرَى. وَمِنْ ثَمَّ عَقَدَ صَاحِبُ الْآدَابِ الْكُبْرَى بَعْدَ ذِكْرِهِ لِهَذَا الْأَثَرِ وَأَمْثَالِهِ فَصْلًا تَكَلَّمَ فِيهِ عَلَى اخْتِلَافِ النَّاسِ فِي الْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ، فَهَذَا الْخَبَرُ كَاَللَّذَيْنِ قَبْلَهُ أَقَلُّ مَرَاتِبِهَا الضَّعْفُ.
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَيَنْبَغِي لِمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مُصْحَفٌ أَنْ يَقْرَأَ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ آيَاتٍ يَسِيرَةٍ لِئَلَّا يَكُونَ مَهْجُورًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(السَّابِعَةُ) يُسْتَحَبُّ خَتْمُ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ نَصًّا «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - اقْرَأْ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ وَلَا تَزِيدَنَّ عَلَى ذَلِكَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَإِنْ قَرَأَهُ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَحَسَنٌ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ لِي قُوَّةً، قَالَ اقْرَأْهُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute