للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبِهِ، فَلَمَّا فَرَغُوا آوَى كُلُّ وَاحِدٍ إلَى مَكَانِهِ، ثُمَّ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَيْسَ بِكَرِيمٍ مَنْ يَهْتَزُّ عِنْدَ السَّمَاعِ، ثُمَّ قَسَمَ رِدَاءَهُ عَلَى مَنْ حَضَرَ أَرْبَعَمِائَةِ قِطْعَةٍ، فَيَكُونُ أَوَّلُ مَنْ تَوَاجَدَ إمَامُ الْمُرْسَلِينَ، وَرَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا زَيْدٌ وَعَمْرٌو، وَلَا خَالِدٌ وَبَكْرٌ» . قُلْت هَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ، وَخَبَرٌ بَاطِلٌ مَصْنُوعٌ، وَكَانَ وَاضِعُهُ عَمَّارُ بْنُ إِسْحَاقَ؛ لِأَنَّ بَاقِي رِجَالِهِ لَا يَتَّصِفُونَ بِالْكَذِبِ وَالِاخْتِلَافِ. وَقَدْ قَالَ الذَّهَبِيُّ وَغَيْرُهُ: هُوَ مِمَّا يُقْطَعُ بِكَذِبِهِ. وَقَالَ فِي تَسْهِيلِ السَّبِيلِ: مَا اُشْتُهِرَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُنْشِدَ بَيْنَ يَدَيْهِ: قَدْ لَسَعَتْ حَيَّةُ الْهَوَى كَبِدِي، وَفِي آخِرِهِ فَتَوَاجَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى سَقَطَتْ الْبُرْدَةُ عَنْ كَتِفِهِ فَتَقَاسَمَهَا أَهْلُ الصُّفَّةِ وَجَعَلُوهَا رُقَعًا فِي ثِيَابِهِمْ» ، فَكَذِبٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْحَدِيثِ، لَكِنْ قَدْ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ وَهُمْ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْمَوْضُوعَةِ. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَسَبَقَهُ لِذَلِكَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ، وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ أَنَّ الَّذِي أَنْشَدَ أَبُو مَحْذُورَةَ.

قَالَ صَاحِبُ تَسْهِيلِ السَّبِيلِ:

مَا قِيلَ أَبُو مَحْذُورَةَ قَدْ أَنْشَدَا ... بَيْنَ يَدَيْ نَبِيِّنَا مُهْدِي الْهُدَى

قَدْ لَسَعَتْ يَا قَوْمُ حَيَّةُ الْهَوَى ... كَبِدِي فَلَا رَاقٍ لَهَا وَلَا دُوا

حَتَّى تَوَاجَدَ النَّبِيُّ ذُو الْعُلَا ... وَسَقَطَتْ بُرْدَتُهُ بَيْنَ الْمَلَا

فَقُسِّمَتْ قَالُوا عَلَى الْأَصْحَابِ ... وَرُسِمَتْ لِلرُّقَعِ فِي الثِّيَابِ

فَكُلُّ هَذَا كَذِبٌ لَا أَصْلَ لَهُ ... فَقَاتَلَ اللَّهُ الَّذِي قَدْ أَصَّلَهُ

أَبْدَاهُ لِلْجُهَّالِ مَنْ لَا يَرْعَوِي ... وَإِنْ رُوِيَ يَوْمًا فَبِالْوَضْعِ رُوِيَ

فَإِنْ تَكُنْ مُقَلِّدًا فَقَلِّدْ ... أَهْلَ الْحَدِيثِ مِنْ الْحَدِيثِ تَهْتَدِي

فَكَمْ وَكَمْ لِجَاهِلِ الصُّوفِيَّةِ ... مِنْ بِدَعٍ تُشْبِهُ ذِي الْقَضِيَّةِ

يَرْوُونَهَا لِجَاهِلٍ عَنْ جَاهِلٍ ... بِصِيغَةِ الْجَزْمِ مَعَ التَّغَافُلِ

مُعْتَقِدِينَ أَنَّهُمْ أَئِمَّةٌ ... هُدَاةُ هَدْيٍ لِهَوَادِي الْأُمَّةِ

لَا سِيَّمَا أَرْبَابَ ذِي الزَّوَايَا ... فَمَا مَزَايَاهُمْ سِوَى الرَّزَايَا

إلَى آخِرِ الْأَبْيَاتِ. وَاَللَّهُ وَلِيُّ الْإِثْبَاتِ.

وَرَفْعُك صَوْتًا بِالدُّعَاءِ أَوْ مَعَ الْجِنَازَةِ أَوْ فِي الْحَرْبِ حِينَ التَّشَدُّدِ (وَ) يُكْرَهُ تَنْزِيهًا (رَفْعُك) أَيُّهَا الدَّاعِي (صَوْتًا) وَهُوَ الْهَوَاءُ الْمُنْضَغِطُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>