قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: يُكْرَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ مَعَ الْجِنَازَةِ وَلَوْ بِالْقُرْآنِ اتِّفَاقًا. انْتَهَى.
وَحَرَّمَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَالَ: الْقَائِلُ مَعَ الْجِنَازَةِ اسْتَغْفِرُوا لَهُ وَنَحْوُهُ بِدْعَةٌ عِنْدَ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَقِيلَ يُسَنُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُسْمِعَ الْمَأْمُومَ الدُّعَاءَ. قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَقِيلَ مَعَ قَصْدِ تَعْلِيمِهِ، وَلَا يَجِبُ الْإِنْصَاتُ لَهُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ. وَلَا يُكْرَهُ الْإِلْحَاحُ بِالدُّعَاءِ بَلْ يُسْتَحَبُّ لِلْأَثَرِ. وَدُعَاءُ الرَّغْبَةِ بِبَطْنِ الْكَفِّ وَالرَّهْبَةِ بِظَهْرِهِ مَعَ قِيَامِ السَّبَّابَةِ لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. قَالَ الْقَاضِي: تُسْتَحَبُّ الْإِشَارَةُ إلَى نَحْوِ السَّمَاءِ فِي الدُّعَاءِ.
قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الْكَلِمِ الطَّيِّبِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ: الذِّكْرُ أَفْضَلُ مِنْ الدُّعَاءِ؛ لِأَنَّ الذِّكْرَ ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِجَمِيلِ أَوْصَافِهِ وَآلَائِهِ وَأَسْمَائِهِ، وَالدُّعَاءَ سُؤَالُ الْعَبْدِ حَاجَتَهُ، فَأَيْنَ هَذَا مِنْ هَذَا، وَلِهَذَا فِي الْحَدِيثِ «مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ» وَلِذَا كَانَ الْمُسْتَحَبُّ فِي الدُّعَاءِ أَنْ يَبْدَأَ الدُّعَاءَ بِحَمْدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ بَيْنَ يَدَيْ حَاجَتِهِ ثُمَّ يَسْأَلُ حَاجَتَهُ كَمَا جَاءَ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ، وَذَكَرَ مِنْهَا طَرَفًا. مِنْهَا مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَالْحَاكِمُ فِي صَحِيحِهِ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِعَ رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ لَمْ يُمَجِّدْ اللَّهَ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَجِلَ هَذَا. ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ رَبِّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يَدْعُو بَعْدُ بِمَا شَاءَ» .
وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي دُعَاءِ الْكَرْبِ «لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْعَظِيمُ. لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ. لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ» .
وَيَنْبَغِي تَحَرِّي الْمَأْثُورِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَمُدُّ يَدَيْهِ فِي حَالِ الدُّعَاءِ مَعَ الِانْكِسَارِ وَالْخُضُوعِ، وَالْمَسْكَنَةِ وَالْخُشُوعِ، وَإِظْهَارِ الذُّلِّ وَسَفْكِ الدُّمُوعِ، وَلَا يَتَكَلَّفُ السَّجْعَ فِي الدُّعَاءِ، فَإِنَّهُ يُشْغِلُ الْقَلْبَ وَيُذْهِبُ الْخُشُوعَ، وَإِنْ دَعَا بِدَعَوَاتٍ مَحْفُوظَةٍ مَعَهُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفِ سَجْعٍ فَلَيْسَ بِمَمْنُوعٍ، وَيُخْفِضُ صَوْتَهُ بِالدُّعَاءِ، وَيُكْثِرُ مِنْ الِاسْتِغْفَارِ وَالتَّلَفُّظِ بِالتَّوْبَةِ وَالتَّوَسُّلِ بِعَظِيمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute