للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُتْرَكُ؟ قَالَ: أَرْبَعِينَ لِلْحَدِيثِ فَأَمَّا الشَّارِبُ فَفِي كُلِّ جُمُعَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ وَحْشًا، وَقِيلَ عِشْرِينَ وَقِيلَ لِلْمُقِيمِ، وَرَوَى الْبَغَوِيّ بِسَنَدِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْخُذُ أَظْفَارَهُ وَشَارِبَهُ كُلَّ جُمُعَةٍ» . نَعَمْ إنَّمَا يُكْرَهُ تَرْكُهُ فَوْقَ أَرْبَعِينَ لِحَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ قَالَ «وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَنَتْفِ الْإِبِطِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ أَنْ لَا يُتْرَكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ» وَيُنْدَبُ دَفْنُ ذَلِكَ كُلِّهِ نَصَّ عَلَيْهِ.

وَفِي الْإِقْنَاعِ يُدْفَنُ الدَّمُ وَالشَّعْرُ وَالظُّفْرُ لِمَا رَوَى الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مِثْلِ بِنْتِ مِشْرَحٍ الْأَشْعَرِيَّةِ «قَالَتْ: رَأَيْت أَبِي يُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ وَيَدْفِنُهَا وَيَقُولُ: رَأَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُ ذَلِكَ» . وَعَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يُعْجِبُهُ دَفْنُ الدَّمِ» .

وَقَالَ مُهَنَّا سَأَلْت أَحْمَدَ عَنْ الرَّجُلِ يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ أَيَدْفِنُهُ أَمْ يُلْقِيه؟ قَالَ يَدْفِنُهُ. قُلْت بَلَغَك فِيهِ شَيْءٌ؟ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ. وَقَالَ الْإِمَامُ فِي قَوْله تَعَالَى {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا} [المرسلات: ٢٥] {أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا} [المرسلات: ٢٦] قَالَ يُلْقُونَ فِيهَا الدَّمَ وَالشَّعْرَ وَالْأَظَافِرَ وَهُمْ أَحْيَاءٌ وَتَدْفِنُونَ فِيهَا مَوْتَاكُمْ.

(الثَّانِيَةُ) : لَا بَأْسَ بِقَصِّ ظُفْرِهِ وَنَحْوِهِ وَهُوَ جُنُبٌ، وَقَدْ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ كَمَا فِي الْفَتَاوَى الْمِصْرِيَّةِ، بِمَا صُورَتُهُ إذَا كَانَ الرَّجُلُ جُنُبًا وَقَصَّ ظُفْرَهُ أَوْ شَارِبَهُ أَوْ مَشَّطَ رَأْسَهُ هَلْ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي ذَلِكَ فَقَدْ أَشَارَ بَعْضُهُمْ إلَى هَذَا وَقَالَ إذَا قَصَّ الْجُنُبُ شَعْرَهُ أَوْ ظُفْرَهُ فَإِنَّهُ تَعُودُ إلَيْهِ أَجْزَاؤُهُ فِي الْآخِرَةِ فَيَقُومُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهِ كَشْطٌ مِنْ الْجَنَابَةِ بِحَسَبِ مَا نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ عَلَى كُلِّ شَعْرَةٍ قَشْطًا مِنْ الْجَنَابَةِ فَهَلْ ذَلِكَ كَذَلِكَ؟ فَأَجَابَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِقَوْلِهِ قَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ لَمَّا ذُكِرَ لَهُ الْجُنُبُ فَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ» وَفِي صَحِيحِ الْحَاكِمِ «حَيًّا وَلَا مَيِّتًا» .

قَالَ وَمَا أَعْلَمُ عَلَى كَرَاهَةِ إزَالَةِ شَعْرِ الْجُنُبِ وَظُفْرِهِ دَلِيلًا شَرْعِيًّا، بَلْ قَدْ «قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلَّذِي أَسْلَمَ أَلْقِ عَنْك شَعْرَ الْكُفْرِ وَاخْتَتِنْ» فَأَمَرَ الَّذِي أَسْلَمَ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِتَأْخِيرِ الِاخْتِتَانِ وَإِزَالَةِ الشَّعْرِ عَنْ اغْتِسَالٍ فَإِطْلَاقُ كَلَامِهِ يَقْتَضِي جَوَازَ الْأَمْرَيْنِ، وَكَذَلِكَ تُؤْمَرُ الْحَائِضُ بِالِامْتِشَاطِ فِي غُسْلِهَا مَعَ أَنَّ الِامْتِشَاطَ يَذْهَبُ بِبَعْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>