للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ غِبِّ الْإِبِلِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ هُوَ أَنْ تَرِدَ الْمَاءَ يَوْمًا وَتَدَعَهُ يَوْمًا قَالَ: وَأَمَّا الْغِبُّ فِي الزِّيَارَةِ فَقَالَ الْحَسَنُ: فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا انْتَهَى وَاقْتَصَرَ الْحَجَّاوِيُّ فِي لُغَةِ إقْنَاعِهِ عَلَى أَنَّ الْغِبَّ يَوْمٌ بَعْدَ يَوْمٍ وَفِي لَامِيَّةِ ابْنِ الْوَرْدِيِّ:

غِبْ وَزُرْ غِبًّا تَزِدْ حُبًّا فَمَنْ ... أَكْثَرَ التَّرْدَادَ أَصْمَاهُ الْمَلَلُ

قَالَ شَارِحُهُ: أَيْ غِبْ عَنْ صَدِيقِك بُرْهَةً مِنْ الزَّمَانِ لِيُحَرِّكَ كُلًّا مِنْكُمَا الشَّوْقُ إلَى الْآخَرِ وَزُرْ غِبًّا اقْتَبَسَ الْحَدِيثَ «زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ، وَهُمَا وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالطَّبَرَانِيُّ. وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ حَبِيبِ بْنِ مُسْلِمٍ الْفِهْرِيِّ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنُ عَمْرٍو وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَكَثْرَةُ طُرُقِهِ تُكْسِبُهُ قُوَّةً يَبْلُغُ بِهَا دَرَجَةَ الْحَسَنِ انْتَهَى.

وَفِي نِهَايَةِ ابْنِ الْأَثِيرِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا الْغِبُّ فِي أَوْرَادِ الْإِبِلِ أَنْ تَرِدَ الْمَاءَ يَوْمًا وَتَدَعَهُ يَوْمًا، ثُمَّ تَعُودُ فَنَقَلَهُ إلَى الزِّيَارَةِ، وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ أَيَّامٍ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ، وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ فِي قَوْلِ الْبُخَارِيِّ بَابٌ هَلْ يَزُورُ صَاحِبَهُ كُلَّ يَوْمٍ بُكْرَةً وَعَشِيًّا، وَنَقَلَ حَدِيثَ غَشَيَانِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْتَ أَبِي بَكْرٍ بُكْرَةً وَعَشِيًّا كَأَنَّ الْبُخَارِيَّ رَمَزَ بِالتَّرْجَمَةِ إلَى تَوْهِينِ الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ «زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا» قَالَ: وَقَدْ وَرَدَ مِنْ طُرُقٍ أَكْثَرُهَا غَرَائِبُ لَا يَخْلُو وَاحِدٌ مِنْهَا مِنْ مَقَالٍ.

وَقَدْ جَمَعَ طُرُقَهُ أَبُو نُعَيْمٍ وَغَيْرُهُ قَالَ: وَقَدْ جَمَعْتهَا فِي جُزْءٍ مُفْرَدٍ قَالَ: وَأَقْوَى طُرُقِهِ مَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي تَارِيخِ نَيْسَابُورَ وَغَيْرُهُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ وَجَزَمَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي الْأَمْثَالِ بِأَنَّهُ مِنْ أَمْثَالِ الْعَرَبِ، وَكَانَ هَذَا الْكَلَامُ شَائِعًا فِي الْمُتَقَدِّمِينَ، ثُمَّ أَنْشَدَ لِأَبِي الْهِلَالِ بْنِ الْعَلَاءِ:

اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّنِي ... لَك أَخْلَصُ الثَّقَلَيْنِ قَلْبًا

لَكِنْ لِقَوْلِ نَبِيِّنَا ... زُورُوا عَلَى الْأَيَّامِ غِبًّا

وَلِقَوْلِهِ مَنْ زَارَ غِبًّا ... مِنْكُمْ يَزْدَادُ حُبًّا

قَالَ وَكَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُوجِزَ فَيَقُولُ:

لَكِنْ لِقَوْلِ نَبِيِّنَا ... مَنْ زَارَ غِبًّا زَادَ حُبًّا

<<  <  ج: ص:  >  >>