فَكَوَى عَلَى جَاعِرَتَيْهِ فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ كَوَى الْجَاعِرَتَيْنِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْجَاعِرَتَانِ مَوْضِعُ الرَّقْمَتَيْنِ مِنْ اسْتِ الْحِمَارِ، وَهُوَ مَضْرِبُ الْفَرَسِ بِذَنَبِهِ عَلَى فَخْذَيْهِ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: هُمَا حَرْفَا الْوَرِكَيْنِ الْمُشْرِفَانِ عَلَى الْفَخِذَيْنِ، وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْجَاعِرَتَانِ مَوْضِعُ الرَّقْمَتَيْنِ مِنْ اسْتِ الْحِمَارِ وَمَضْرِبُ الْفَرَسِ بِذَنَبِهِ عَلَى فَخْذَيْهِ أَوْ حَرْفَا الْوَرِكَيْنِ الْمُشْرِفَيْنِ عَلَى الْفَخِذَيْنِ، وَقَالَ فِي مَطَالِعِ الْأَنْوَارِ: قَوْلُهُ فَكَانَ يَسِمُ فِي الْجَاعِرَتَيْنِ رَقْمَتَيْنِ يَكْتَنِفَانِ ذَنَبَ الْحِمَارِ انْتَهَى.
قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى صَرَّحَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ فِي مَوْضِعٍ: أَنَّ السِّمَةَ فِي الْوَجْهِ مَكْرُوهَةٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ أَنَّ السِّمَةَ فِي الْوَجْهِ لَا تَجُوزُ قَالَ: وَهُوَ أَوْلَى انْتَهَى. قَالَ فِي الْآدَابِ وَغَيْرِهِ سُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ الْغَنَمِ تُوسَمُ قَالَ: تُوسَمُ وَلَا تُعْمَلُ فِي اللَّحْمِ يَعْنِي يُجَزُّ الصُّوفُ، نَقَلَهُ ابْنُ هَانِئٍ قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ، وَظَاهِرُهُ التَّحْرِيمُ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّة: الضَّرْبُ فِي الْوَجْهِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فِي كُلِّ حَيَوَانٍ لَكِنَّهُ فِي الْآدَمِيِّ أَشَدُّ قَالَ: وَالْوَسْمُ فِي الْوَجْهِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ إجْمَاعًا، فَأَمَّا الْآدَمِيُّ فَوَسْمُهُ حَرَامٌ، وَأَمَّا غَيْرُ الْآدَمِيِّ فَكَرِهَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا قَالَ الْبَغَوِيّ: لَا يَجُوزُ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَغَيْرُ الْآدَمِيِّ فَوَسْمُهُ فِي وَجْهِهِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ.
وَأَمَّا غَيْرُ الْوَجْهِ فَيُسْتَحَبُّ فِي نَعَمِ الزَّكَاةِ، وَالْجِزْيَةِ «؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَسَمَهَا فِي آذَانِهَا» ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأُذُنَ لَيْسَتْ مِنْ الْوَجْهِ لِنَهْيِهِ عَنْ وَسْمِ الْوَجْهِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَيَجُوزُ فِي غَيْرِهِمَا يَعْنِي غَيْرَ نَعَمِ الزَّكَاةِ، وَالْجِزْيَةِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يُسْتَحَبُّ الْوَسْمُ، بَلْ يُكْرَهُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَسْمَ إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي آدَمِيٍّ، أَوْ لَا الْأَوَّلُ حَرَامٌ، وَالثَّانِي إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْوَجْهِ، أَوْ لَا، الْأَوَّلُ حَرَامٌ أَيْضًا، وَعَلَى الثَّانِي: إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَوْسُومُ مِنْ نَعَمِ الصَّدَقَةِ أَوْ الْجِزْيَةِ، وَمِثْلُهَا فَرَسٌ حَبِيسٌ، وَنَحْوُهَا فَيُسْتَحَبُّ فِيهَا وَيَجُوزُ فِيمَا عَدَاهَا.
هَذَا مَفْهُومُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْآدَابِ، وَالْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ: تَحْرِيمُ الْوَسْمِ فِي الْوَجْهِ، وَهُوَ فِي الْآدَمِيِّ أَشَدُّ حُرْمَةً قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يَجُوزُ الْوَسْمُ إلَّا لِمُدَاوَاةٍ، وَقَالَ: يُحَرَّمُ لِقَصْدِ الْمُثْلَةِ وَيَجُوزُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ، فَظَهَرَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ الْوَسْمُ مُسْتَحَبًّا، وَإِنَّمَا غَايَتُهُ الْجَوَازُ وَفِعْلُهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَيَانِ الْجَوَازِ لَا الِاسْتِحْبَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute