للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْيُسْرِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَدْعُو: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْهَدْمِ وَالتَّرَدِّي وَأَعُوذُ بِك مِنْ الْهَرَمِ، وَالْغَرَقِ وَأَعُوذُ بِك أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَأَعُوذُ بِك مِنْ أَنْ أَمُوتَ فِي سَبِيلِك مُدْبِرًا وَأَعُوذُ بِك مِنْ أَنْ أَمُوتَ لَدِيغًا» . قَالَ الْجَاحِظُ: وَتَأْوِيلُ هَذَا عِنْدَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يَتَّفِقُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَكُونَ مَوْتُهُ بِأَكْلِ هَذَا الْعَدُوِّ إلَّا وَهُوَ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ، بَلْ مِنْ أَشَدِّهِمْ عَدَاوَةً، فَكَانَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَعَوَّذُ مِنْهُ لِذَلِكَ، وَهَذَا لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ كَمَا لَا يَخْفَى.

وَقَدْ أَمَرَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَتْلِ الْحَيَّةِ فِي عِدَّةِ أَخْبَارٍ، وَأَمْرُهُ فِي ذَلِكَ لِلنَّدَبِ رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيِّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَارٍ بِمِنًى، وَقَدْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ {وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا} [المرسلات: ١] فَنَحْنُ نَأْخُذُهَا مِنْ فِيهِ رَطْبَةً إذْ خَرَجَتْ عَلَيْنَا حَيَّةٌ فَقَالَ: اُقْتُلُوهَا فَابْتَدَرْنَاهَا لِنَقْتُلَهَا فَسَبَقَتْنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَقَاهَا اللَّهُ شَرَّكُمْ كَمَا وَقَاكُمْ شَرَّهَا» .

وَعَدَاوَةُ الْحَيَّةِ لِلْإِنْسَانِ مَعْلُومَةٌ وَمَعْرُوفَةٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ {اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} [البقرة: ٣٦] قَالَ الْجُمْهُورُ: الْخِطَابُ لِآدَمَ وَحَوَّاءَ وَإِبْلِيسَ، وَالْحَيَّةِ.

وَرَوَى قَتَادَةُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ قَالَ: مَا سَالَمْنَاهُنَّ مُنْذُ عَادَيْنَاهُنَّ» .

وَقِصَّةُ ابْنِ حِمْيَرٍ مَشْهُورَةٌ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَنْ تَرَكَهُنَّ فَلَيْسَ مِنَّا، وَقَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: مَنْ تَرَكَ حَيَّةً خَشْيَةً مِنْ ثَأْرِهَا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ، وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. وَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ قَتَلَ حَيَّةً فَكَأَنَّمَا قَتَلَ رَجُلًا مُشْرِكًا، وَمَنْ تَرَكَ حَيَّةً مَخَافَةَ عَاقِبَتِهَا فَلَيْسَ مِنَّا» (وَ) يَحْسُنُ قَتْلُ (شِبْهِ) أَيْ مِثْلِ (الْمُعَدِّدِ) مِنْ أَنْوَاعِ الْحَشَرَاتِ فَكُلُّ مَا شَابَهُ ذَلِكَ يُقْتَلُ فِي الْحِلِّ، وَالْحَرَمِ مِنْ الْحَلَالِ، وَالْمُحْرِمِ كَالْوَزَغَةِ بِالتَّحْرِيكِ، وَهِيَ سَامٌّ أَبْرَصُ. قَالَ فِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْوَزَغَ مِنْ الْحَشَرَاتِ الْمُؤْذِيَاتِ، وَجَمْعُ الْوَزَغَةِ وَزَغٌ وَأَوْزَاغٌ وَوَزَغَاتٌ. رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أُمِّ شَرِيكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّهَا اسْتَأْمَرَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَتْلِ الْوَزَغَاتِ فَأَمَرَهَا بِذَلِكَ»

<<  <  ج: ص:  >  >>