لَا يَخْرُجُ الْإِسْنَادُ عَنْ حَدِّ الْحَسَنِ. قَالَ: وَقَدْ كَانَ سُفْيَانُ يَكْرَهُ الْوُضُوءَ قَبْلَ الطَّعَامِ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ، وَكَذَلِكَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ كَرِهَهُ، وَكَذَلِكَ صَاحِبُنَا الشَّافِعِيُّ اسْتَحَبَّ تَرْكَهُ وَاحْتَجَّ بِالْحَدِيثِ يَعْنِي حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَتَى الْخَلَاءَ، ثُمَّ إنَّهُ رَجَعَ فَأَتَى الطَّعَامَ فَقِيلَ لَهُ: أَلَا تَتَوَضَّأُ؟ قَالَ: لَمْ أُصَلِّ فَأَتَوَضَّأَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ بِنَحْوِهِ إلَّا أَنَّهُمَا قَالَا: فَقَالَ: «إنَّمَا أُمِرْت بِالْوُضُوءِ إذَا قُمْت لِلصَّلَاةِ» انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي آدَابِهِ: يُسْتَحَبُّ غَسْلُ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الطَّعَامِ وَبَعْدَهُ. وَعَنْهُ يُكْرَهُ قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ قَبْلَهُ. قَالَ مَالِكٌ: لَا يُسْتَحَبُّ غَسْلُ الْيَدِ لِلطَّعَامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْيَدِ أَوَّلًا قَذَرٌ، أَوْ يَبْقَى عَلَيْهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ رَائِحَةٌ.
وَقِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لِمَ كَرِهَ سُفْيَانُ غَسْلَ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الطَّعَامِ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ مِنْ زِيِّ الْأَعَاجِمِ. قَالَ مُهَنَّا ذَكَرْتُهُ: لِيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ فَقَالَ: مَا أَحْسَنَ الْوُضُوءَ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ النَّاظِمُ (وَ) يَحْسُنُ يَعْنِي يُسَنُّ غَسْلُ يَدٍ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الطَّعَامِ طَلَبًا لِلنَّظَافَةِ وَلِلْإِنْقَاءِ مِنْ الْغَمَرِ وَالزُّهُومَةِ.
فَقَدْ رَوَى ابْنُ مَاجَهْ، وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُكْثِرَ اللَّهُ خَيْرَ بَيْتِهِ فَلْيَتَوَضَّأْ إذَا حَضَرَ غِذَاؤُهُ وَإِذَا رُفِعَ» . .
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ نَامَ وَفِي يَدِهِ غَمَرٌ وَلَمْ يَغْسِلْهُ فَأَصَابَهُ شَيْءٌ فَلَا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ» .
الْغَمَرُ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمِيمِ بَعْدَهُمَا رَاءٌ هُوَ رِيحُ اللَّحْمِ وَزُهُومَتُهُ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ، وَالْبَغَوِيُّ، وَقَالَ الْبَغَوِيّ حَدِيثٌ حَسَنٌ.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ الشَّيْطَانَ حَسَّاسٌ لَحَّاسٌ فَاحْذَرُوهُ عَلَى أَنْفُسِكُمْ، مَنْ بَاتَ وَفِي يَدِهِ رِيحُ غَمَرٍ فَأَصَابَهُ شَيْءٌ فَلَا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ» .
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ بَاتَ وَفِي يَدِهِ رِيحُ غَمَرٍ فَأَصَابَهُ وَضَحٌ فَلَا