للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرُوِيَ عَنْ سَيِّدِنَا الْإِمَامِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ أَنْشَدَ بِلِسَانِهِ:

يَمُوتُ الْفَتَى مِنْ عَثْرَةٍ مِنْ لِسَانِهِ ... وَلَيْسَ يَمُوتُ الْمَرْءُ مِنْ عَثْرَةِ الرِّجْلِ

فَعَثْرَتُهُ مِنْ فِيهِ تَرْمِي بِرَأْسِهِ ... وَعَثْرَتُهُ بِالرِّجْلِ تَبْرَى عَلَى مَهْلِ

وَمِمَّا قِيلَ:

قَدْ أَفْلَحَ السَّاكِتُ الصَّمُوتُ ... كَلَامُهُ قَدْ يُعَدُّ قُوتُ

مَا كُلُّ نُطْقٍ لَهُ جَوَابٌ ... جَوَابُ مَا تَكْرَهُ السُّكُوتُ

وَأَعْجَبُ الْأَمْرِ مِنْ ظَلُومٍ ... مُسْتَيْقِنٍ أَنَّهُ يَمُوتْ

وَأَنْشَدَ بَعْضُهُمْ:

عَجِبْتُ لِإِدْلَالِ الْغَبِيِّ بِنَفْسِهِ ... وَصَمْتِ الَّذِي قَدْ كَانَ بِالْعِلْمِ أَعْلَمَا

وَفِي الصَّمْتِ سَتْرٌ لِلْغَبِيِّ وَإِنَّمَا ... صَحِيفَةُ لُبِّ الْمَرْءِ أَنْ يَتَكَلَّمَا

قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: كَانَ الْإِمَامُ مَالِكٌ يَعِيبُ كَثْرَةَ الْكَلَامِ وَيَقُولُ: لَا يُوجَدُ إلَّا فِي النِّسَاءِ وَالضُّعَفَاءِ.

وَفِي خَبَرٍ مَأْثُورٍ: الْخَيْرُ كُلُّهُ فِي ثَلَاثٍ: السُّكُوتِ وَالْكَلَامِ وَالنَّظَرِ، فَطُوبَى لِمَنْ كَانَ سُكُوتُهُ فِكْرَةً، وَكَلَامُهُ حِكْمَةً، وَنَظَرُهُ عِبْرَةً، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَمِنْهَا الْكَذِبُ، وَهُوَ مِنْ الْآفَاتِ الْعِظَامِ وَالذُّنُوبِ الْجِسَامِ، وَالْبَذَاذَةِ، وَشَهَادَةِ الزُّورِ، وَقَوْلِ الْفُجُورِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي مَحَالِّهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَمِنْهَا الْقَذْفُ، وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْمُوبِقَاتِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا.

وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ ذَكَرَ امْرَأً بِشَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ لِيَعِيبَهُ بِهِ حَبَسَهُ اللَّهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ حَتَّى يَأْتِيَ بِنَفَاذِ مَا قَالَ فِيهِ» .

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ بِالزِّنَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَ» .

(الْمَقَامُ الثَّانِي) فِي بَعْضِ شُئُونِ مَا يَتَعَلَّقُ بِاللِّسَانِ مِنْ الْأَحْكَامِ وَهِيَ كَثِيرَةٌ جِدًّا. مِنْهَا الشَّهَادَتَانِ، وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ، وَأَذْكَارُ الصَّلَوَاتِ، وَأَذْكَارُ الْحَجِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>