فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ هَذَا يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو زَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ كَبَّهُ اللَّهُ لِوَجْهِهِ فِي النَّارِ» وَرُوَاةُ هَذَا الْحَدِيثِ رُوَاةُ الصَّحِيحِ. وَفِي رِوَايَةٍ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ صَحِيحَةٍ أَيْضًا سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إنْسَانٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ» .
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ مَرَّ فِي السُّوقِ، وَعَلَيْهِ حُزْمَةٌ مِنْ حَطَبٍ، فَقِيلَ لَهُ: مَا يَحْمِلُك عَلَى هَذَا، وَقَدْ أَغْنَاك اللَّهُ عَنْ هَذَا؟ قَالَ: أَرَدْت أَنْ أَدْفَعَ الْكِبْرَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ خَرْدَلَةٍ مِنْ كِبْرٍ» وَرَوَاهُ الْأَصْبَهَانِيُّ إلَّا أَنَّهُ قَالَ «مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ» .
وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَةَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ وَالْمُتَفَيْهِقُونَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ فَمَا الْمُتَفَيْهِقُونَ؟ قَالَ الْمُتَكَبِّرُونَ» قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ: الثَّرْثَارُ بِثَاءَيْنِ مُثَلَّثَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ وَتَكْرِيرِ الرَّاءِ هُوَ الْكَثِيرُ الْكَلَامِ تَكَلُّفًا.
وَالْمُتَشَدِّقُ هُوَ الْمُتَكَلِّمُ بِمِلْءِ فِيهِ تَفَاصُحًا وَتَعَاظُمًا وَاسْتِعْلَاءً. وَهُوَ مَعْنَى الْمُتَفَيْهِقِ أَيْضًا.
وَتَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْخُلُقِ الْحَسَنِ.
وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ فِي صُوَرِ الرِّجَالِ يَغْشَاهُمْ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَان، يُسَاقُونَ إلَى سَجْنٍ فِي جَهَنَّمَ يُقَالُ لَهُ: بُولَسُ تَعْلُوهُمْ نَارُ الْأَنْيَارِ يُسْقَوْنَ مِنْ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ طِينَةَ الْخَبَالِ» .
بُولَسُ بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَفَتْحِ اللَّامِ بَعْدَهَا سِينٌ مُهْمَلَةٌ.
وَالْخَبَالُ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ كَمَا جَاءَ مُفَسَّرًا فِي مَرْفُوعِ ابْنِ حِبَّانَ وَغَيْرِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute