للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْحَذْفُ هُوَ ذَهَابُ سَبَبٍ خَفِيفٍ كَمَا فِي الْبَيْتِ. وَأَجْزَاءُ الطَّوِيلِ ثَمَانِيَةٌ: (فَعُولُنْ مَفَاعِيلُنْ فَعُولُنْ مَفَاعِيلُنْ) (فَعُولُنْ مَفَاعِيلُنْ فَعُولُنْ مَفَاعِيلُنْ) .

وَلْنُقَطِّعْ الْبَيْتَ الْأَوَّلَ مِنْ قَصِيدَةِ النَّاظِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَرَضِيَ عَنْهُ لِيُقَاسَ عَلَيْهِ نَظَائِرُهُ (بِحَمْدِ) فَعُولُ دَخَلَهُ الْقَبْضُ وَهُوَ حَذْفُ خَامِسِ الْجُزْءِ سَاكِنًا كَمَا هُنَا (كَ ذِي الْإِكْرَا) مَفَاعِيلُنْ (مِ مَا رُمْ) فَعُولُنْ (تَ أَبْتَدِي) مَفَاعِلُنْ بِحَذْفِ خَامِسِهِ سَاكِنًا لِأَنَّ عَرُوضَهُ لَا تَكُونُ إلَّا كَذَلِكَ (كَثِيرًا) فَعُولُنْ (كَمَا تَرْضَى) مَفَاعِيلُنْ (بِغَيْرِ) فَعُولُ بِحَذْفِ سَاكِنِ السَّبَبِ الْخَفِيفِ وَهُوَ قَبْضٌ لِأَنَّهُ خَامِسُ الْجُزْءِ كَمَا عَلِمْت (تَحَدُّدِ) مَفَاعِلُنْ، وَالْحَرْفُ الْمُشَدَّدُ بِحَرْفَيْنِ، وَالْعَرُوضُ مُؤَنَّثَةٌ وَهِيَ آخِرُ الْمِصْرَاعِ الْأَوَّلِ، وَالضَّرْبُ مُذَكَّرٌ وَهُوَ آخِرُ الْمِصْرَاعِ الثَّانِي.

وَأَمَّا الْقَافِيَةُ فَهِيَ مِنْ آخِرِ الْبَيْتِ إلَى أَوَّلِ مُتَحَرِّكٍ قَبْلَ سَاكِنٍ بَيْنَهُمَا وَتَكُونُ بَعْضَ كَلِمَةٍ كَمَا فِي قَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:

وُقُوفًا بِهَا صَحْبِي عَلَيَّ مَطِيَّهُمْ ... يَقُولُونَ لَا تَهْلِكْ أَسًى وَتَحَمَّلْ

هِيَ مِنْ الْحَاءِ إلَى الْيَاءِ، وَتَكُونُ كَلِمَةً كَقَوْلِهِ:

فَفَاضَتْ دُمُوعُ الْعَيْنِ مِنِّي صَبَابَةً ... عَلَى النَّحْرِ حَتَّى بَلَّ دَمْعِي مَحْمَلِي

وَفِي مَنْظُومَةِ النَّاظِمِ آخِرُ الْبَيْتِ الْيَاءُ السَّاكِنَةُ فِي جَمِيعِ الْقَصِيدَةِ وَالْمُتَحَرِّكُ الَّذِي قَبْلَ سَاكِنٍ هُوَ الدَّالُ الْمُهْمَلَةُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(الثَّانِي فِي ذِكْرِ تَرْجَمَةِ النَّاظِمِ) رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُ.

هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ بْنِ بَدْرَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمِنْدَسِيُّ الْمِرْدَاوِيُّ الْفَقِيهُ الْمُحَدِّثُ النَّحْوِيُّ شَمْسُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثِينَ وَسِتِّمِائَةٍ بِمَرْدَا، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ خَطِيبِ مَرْدَا وَعُثْمَانَ بْنِ خَطِيبِ الْقَرَافَةِ، وَابْنِ عَبْدِ الْهَادِي، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ خَلِيلٍ وَغَيْرِهِمْ. وَطَلَبَ وَقَرَأَ بِنَفْسِهِ، وَتَفَقَّهَ عَلَى الشَّيْخِ الْإِمَامِ شَمْسِ الدِّينِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ وَغَيْرِهِ، وَبَرَعَ فِي الْعَرَبِيَّةِ وَاللُّغَةِ، وَاشْتَغَلَ وَدَرَّسَ وَأَفْتَى وَصَنَّفَ. وَقَالَ الذَّهَبِيُّ: كَانَ حَسَنَ الدِّيَانَةِ، دَمِثَ الْأَخْلَاقِ، كَثِيرَ الْإِفَادَةِ، مُطَّرِحًا لِلتَّكْلِيفِ، وَلِيَ تَدْرِيسَ الصَّالِحِيَّةِ مُدَّةً، وَكَانَ يَحْضُرُ دَارَ الْحَدِيثِ وَيَشْتَغِلُ بِهَا وَبِالْجَبَلِ، يَعْنِي صَالِحِيَّةِ دِمَشْقَ. وَلَهُ حِكَايَاتٌ وَنَوَادِرُ، وَكَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>