للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَائْتَزِرُوا وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ» قَالَ فِي الْفُرُوعِ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَقَوْلُ ابْنِ حَزْمٍ وَابْنِ الْجَوْزِيِّ ضَعِيفٌ بِمَرَّةٍ فِيهِ نَظَرٌ.

وَفِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: سُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ لُبْسِهِ يَعْنِي السَّرَاوِيلَ، فَقَالَ: هُوَ أَسْتَرُ مِنْ الْأُزُرِ وَلِبَاسُ الْقَوْمِ كَانَ الْأُزُرَ.

قَالَ النَّاظِمُ: فَتَعَارَضَ فِيهِ دَلِيلَانِ انْتَهَى كَلَامُ النَّاظِمِ.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَبَ بِعَرَفَاتٍ مَنْ لَمْ يَجِدْ إزَارًا فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ لِلْمُحْرِمِ» وَبِهَذَا اسْتَدَلَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مَعْرُوفَةً عِنْدَهُمْ.

قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَتَبَ إلَى جَيْشِهِ بِأَذْرَبِيجَانَ إذَا قَدِمْتُمْ مِنْ غَزَاتِكُمْ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَأَلْقُوا السَّرَاوِيلَاتِ وَالْأَقْبِيَةِ وَالْبَسُوا الْأُزُرَ وَالْأَرْدِيَةَ.

قَالَ النَّاظِمُ: فَدَلَّ عَلَى كَرَاهِيَتِهِ لَهَا، وَأَنَّهَا غَيْرُ زِيِّهِمْ.

وَجَزَمَ فِي الْإِقْنَاعِ وَغَيْرِهِ بِسُنِّيَّةِ لُبْسِ السَّرَاوِيلِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

مَطْلَبٌ: أَوَّلُ مَنْ لَبِسَ السَّرَاوِيلَ.

(تَنْبِيهَاتٌ) :

(الْأَوَّلُ) :: أَوَّلُ مَنْ لَبِسَ السَّرَاوِيلَ إبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، كَانَ كَثِيرَ الْحَيَاءِ حَتَّى كَانَ يَسْتَحْيِي مِنْ أَنْ تَرَى الْأَرْضُ مَذَاكِيرَهُ، فَاشْتَكَى إلَى اللَّهِ - تَعَالَى، فَهَبَطَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِخِرْقَةٍ مِنْ الْجَنَّةِ، فَفَصَّلَهَا جِبْرِيلُ سَرَاوِيلَ، وَقَالَ: ادْفَعْهَا إلَى سَارَةَ تَخِيطُهُ، وَكَانَ اسْمُهَا يَسَارَةَ فَلَمَّا خَاطَتْهُ وَلَبِسَهُ إبْرَاهِيمُ فَقَالَ: مَا أَحْسَنَ هَذَا وَأَسْتَرَهُ يَا جِبْرِيلُ فَإِنَّهُ نِعْمَ السِّتْرُ لِلْمُؤْمِنِ فَكَانَ إبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَوَّلَ مَنْ لَبِسَ السَّرَاوِيلَ، وَأَوَّلُ مَنْ فَصَّلَهُ جِبْرِيلُ، وَأَوَّلُ مَنْ خَاطَهُ سَارَةُ بَعْدَ إدْرِيسَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.

ذَكَرَهُ فِي الْأُنْسِ الْجَلِيلِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -.

وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ بَعْدَ إدْرِيسَ يَعْنِي بَعْدَ إدْرِيسَ فِي مُجَرَّدِ الْخِيَاطَةِ، فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ خَاطَ.

وَأَمَّا كَوْنُ إدْرِيسَ خَاطَ السَّرَاوِيلَ فَيُنَافِي أَوَّلِيَّتَهُ عَنْ إبْرَاهِيمَ؛ وَلِهَذَا عَبَّرَ فِي الْأَوَائِلِ، فَكَانَتْ سَارَةُ أَوَّلَ مَنْ خَاطَتْ مِنْ النِّسَاءِ فَصَارَ الْغَزْلُ أَفْضَلَ الْحِرَفِ لِلنِّسَاءِ، وَالْخِيَاطَةُ لِلرِّجَالِ، كَمَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ النَّبَوِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>