للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَغَيْرُهُ: يُسْتَحَبُّ غَسْلُ الثَّوْبِ مِنْ الْوَسَخِ وَالْعَرَقِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ وَغَيْرِهِ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَا يَجِدُ هَذَا مَا يَغْسِلُ بِهِ ثَوْبَهُ» «وَرَأَى رَجُلًا شُعْثًا فَقَالَ: مَا كَانَ يَجِدُ هَذَا مَا يُسْكِنُ بِهِ رَأْسَهُ» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالْخَلَّالُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَعَلَّلَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَنَّ الثَّوْبَ إذَا اتَّسَخَ تَقَطَّعَ.

وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ: مَا أَعْلَمُ أَنِّي رَأَيْت أَحَدًا أَنْظَفَ ثَوْبًا وَلَا أَشَدَّ تَعَاهُدًا لِنَفْسِهِ فِي شَارِبِهِ وَشَعْرِ رَأْسِهِ وَبَدَنِهِ وَلَا أَنْقَى ثَوْبًا، وَأَشَدَّهُ بَيَاضًا مِنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

وَرَوَى وَكِيعٌ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ يُعْجِبُهُ إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ وَالثِّيَابُ النَّقِيَّةُ.

وَرَوَى أَيْضًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: مِنْ مُرُوءَةِ الرَّجُلِ نَقَاءُ ثَوْبِهِ.

وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ فِي حَدِيثِ «إنَّ اللَّهَ نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ» : نَظَافَةُ اللَّهِ تَعَالَى كِنَايَةٌ عَنْ تَنَزُّهِهِ مِنْ سِمَاتِ الْحَدَثِ، وَتَعَالِيهِ فِي ذَاتِهِ عَنْ كُلِّ نَقْصٍ، وَحُبُّهُ النَّظَافَةَ مِنْ غَيْرِهِ كِنَايَةٌ عَنْ خُلُوصِ الْعَقِيدَةِ وَنَفْيِ الشِّرْكِ وَمُجَانَبَةِ الْأَهْوَاءِ، ثُمَّ نَظَافَةُ الْقَلْبِ عَنْ الْغِلِّ وَالْحِقْدِ وَالْحَسَدِ وَأَمْثَالِهَا.

ثُمَّ نَظَافَةُ الْمَطْعَمِ وَالْمَلْبَسِ عَنْ الْحَرَامِ وَالشَّبَهِ، ثُمَّ نَظَافَةُ الظَّاهِرِ لِمُلَابَسَةِ الْعِبَادَاتِ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «نَظِّفُوا أَفْوَاهَكُمْ فَإِنَّهَا طُرُقُ الْقُرْآنِ» أَيْ صُونُوهَا عَنْ اللَّغْوِ وَالْفُحْشِ وَالْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالْكَذِبِ وَأَمْثَالِهَا، وَعَنْ أَكْلِ الْحَرَامِ وَالْقَاذُورَاتِ، وَالْحَثِّ عَلَى تَطْهِيرِهَا مِنْ النَّجَاسَاتِ بِالسِّوَاكِ. انْتَهَى.

(وَ) يَحْسُنُ أَيْضًا بِمَعْنَى يُسَنُّ (طَيُّهَا) أَيْ الثِّيَابِ، وَهُوَ بِالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ فَهَاءٍ فَأَلِفِ تَأْنِيثٍ مِنْ طَوَى الصَّحِيفَةَ يَطْوِيهَا: وَذَلِكَ لِئَلَّا يَسْتَعْمِلَهَا الشَّيْطَانُ بِاللُّبْسِ وَغَيْرِهِ.

قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي مَنْظُومَتِهِ فِي حَقِّ الشَّيْطَانِ:

وَيَدْخُلُ الْبَيْتَ يَنَامُ فِيهِ ... بِغَيْرِ إذْنٍ سَاءَ مِنْ سَفِيهِ

عَلَى ثِيَابٍ لَمْ تَكُنْ مَطْوِيَّةً ... إنْ لَمْ يُسَمَّ خَالِقُ الْبَرِّيَّةِ

أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى مَا رَوَاهُ الدَّيْلَمِيُّ عَنْ جَابِرٍ رَفَعَهُ «طَيُّ الثَّوْبِ رَاحَتُهُ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>