سَأَلَهُ مَا السُّنَّةُ يَعْنِي فِي التَّخَتُّمِ؟ قَالَ: لَمْ يَكُنْ خَوَاتِيمُ الْقَوْمِ إلَّا فِضَّةً.
قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لَا يَصِحُّ فِي التَّخَتُّمِ بِالْعَقِيقِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْءٌ.
وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ كُلَّ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ، وَأَعَلَّهَا.
وَجَزَمَ بِهَذَا فِي الْإِقْنَاعِ.
وَاسْتَحَبَّ التَّخَتُّمَ بِالْعَقِيقِ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَابْنُ تَمِيمٍ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَالْآدَابِ وَالْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى، وَذَكَرَهُمَا فِي الْغَايَةِ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ مَرْعِيٌّ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِ شَيْءٍ مِنْهُمَا.
نَعَمْ قَدَّمَ عِبَارَةَ الْمُنْتَهَى عَلَى عِبَارَةِ الْإِقْنَاعِ، وَهَذَا لَا يُشْعِرُ بِاخْتِيَارٍ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى ذِي بَصِيرَةٍ.
قَالَ الَّذِينَ اسْتَحَبُّوهُ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَخَتَّمُوا بِالْعَقِيقِ فَإِنَّهُ مُبَارَكٌ» قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لَا يَثْبُتُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذَا شَيْءٌ. وَذَكَرَهُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ. وَفِي إسْنَادِ هَذَا الْخَبَرِ يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيُّ الَّذِي قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ لَيْسَ بِالْمَعْرُوفِ وَبَاقِيهِ جَيِّدٌ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ مِنْ الْمَوْضُوعِ. قَالَ ذَلِكَ فِي الْفُرُوعِ. قُلْت: التَّخَتُّمُ بِالْعَقِيقِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ، وَأَعَلَّهُ فَذَكَرَهُ عَنْ عَائِشَةَ " مَنْ تَخَتَّمَ بِالْعَقِيقِ لَمْ يُقْضَ لَهُ إلَّا بِاَلَّذِي هُوَ أَسْعَدُ وَأَعَلَّهُ بِمُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ بْنِ سُوَيْدٍ فَإِنَّهُ يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ عَنْ أَبِيهِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَأَخْرَجَهُ عَنْ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مَرْفُوعًا «مَنْ تَخَتَّمَ بِالْعَقِيقِ لَمْ يَزَلْ يَرَى خَيْرًا» وَأَعَلَّهُ بِأَنَّ فِيهِ أَبَا بَكْرِ بْنَ شُعَيْبٍ يَرْوِي عَنْ مَالِكٍ مَا لَيْسَ مِنْ حَدِيثِهِ، وَأَقَرَّهُ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ عَلَى إعْلَالِهِ فِي الْبَدِيعِيَّاتِ ثُمَّ قَالَ: قُلْت: لِحَدِيثِ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - طَرِيقٌ أُخْرَى قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ مَرْوَانَ أَنْبَأَنَا دَاوُد بْنُ رَشِيدٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ نَاصِحٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ فَاطِمَةَ الصُّغْرَى عَنْ فَاطِمَةَ الْكُبْرَى قَالَتْ قَالَ رَسُولُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ تَخَتَّمَ بِالْعَقِيقِ لَمْ يُقْضَ لَهُ إلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ» انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ الدَّيْبَعِ فِي كِتَابِهِ تَمْيِيزِ الطَّيِّبِ مِنْ الْخَبِيثِ فِيمَا يَدُورُ عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ مِنْ الْحَدِيثِ حَدِيثُ «تَخَتَّمُوا بِالْعَقِيقِ فَإِنَّهُ يَنْفِي الْفَقْرَ» لَهُ طُرُقٌ كُلُّهَا وَاهِيَةٌ. وَكَذَا مَا رُوِيَ فِي الْيَاقُوتِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute