عَنْ الدِّينِ مِنْ الْأَعْرَابِ، فَهُوَ أَوَّلُ انْقِطَاعِ عُرَى الدِّينِ وَنُقْصَانِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي لَا تُحْصَى.
قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: مَا نَفَّضْنَا أَيْدِيَنَا مِنْ التُّرَابِ مِنْ قَبْرِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى أَنْكَرْنَا قُلُوبَنَا. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
وَلَقَدْ أَحْسَنَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي قَوْلِهِ مُسَلِّيًا لِبَعْضِ إخْوَانِهِ فِي وَلَدٍ لَهُ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ.
اصْبِرْ لِكُلِّ مُصِيبَةٍ وَتَجَلَّدْ ... وَاعْلَمْ بِأَنَّ الْمَرْءَ غَيْرُ مُخَلَّدِ
أَوَمَا تَرَى أَنَّ الْمَصَائِبَ جَمَّةٌ ... وَتَرَى الْمَنِيَّةَ لِلْعِبَادِ بِمَرْصَدِ
مَنْ لَمْ يُصَبْ مِمَّنْ تَرَى بِمُصِيبَةٍ ... هَذَا سَبِيلٌ لَسْتَ فِيهِ بِأَوْحَدِ
فَإِذَا ذَكَرْتَ مُحَمَّدًا وَمُصَابَهُ ... فَاذْكُرْ مُصَابَكَ بِالنَّبِيِّ مُحَمَّدِ
وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَتْ «كَانَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا قَامَ الْمُصَلِّي لَمْ يَعْدُ بَصَرُ أَحَدِهِمْ مَوْضِعَ قَدَمَيْهِ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَكَانَ النَّاسُ إذَا قَامَ أَحَدُهُمْ يُصَلِّي لَمْ يَعْدُ أَحَدُهُمْ مَوْضِعَ الْقِبْلَةِ فَتُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَكَانَ النَّاسُ إذَا قَامَ أَحَدُهُمْ يُصَلِّي لَمْ يَعْدُ بَصَرُ أَحَدِهِمْ مَوْضِعَ الْقِبْلَةِ فَكَانَ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَكَانَتْ الْفِتْنَةُ فَتَلَفَّتَ النَّاسُ فِي الصَّلَاةِ يَمِينًا وَشِمَالًا» إسْنَادُهُ مُقَارِبٌ.
قُلْت: وَالْآنَ تَفَاقَمَ الْأَمْرُ وَتَلَاشَى الْحَالُ، فَكَمْ مِنْ قَائِمٍ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ غَيْرُ مُكْتَرِثٍ بِهَا حَتَّى لَا يُفَرِّقَ بِعَيْنِ قَلْبِهِ بَيْنَ وُقُوفِهِ فِيهَا وَبَيْنَ وُقُوفِهِ فِي الْأَسْوَاقِ.
فَيَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِك يَا اللَّهُ إنَّك لَا تُخَيِّبُ مَنْ دَعَاك.
مَطْلَبٌ: الِاسْتِرْجَاعُ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ هَذِهِ الْأُمَّةِ (الثَّانِي) قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَرَضِيَ عَنْهُ: مَا أُعْطِيَ أَحَدٌ فِي الْمُصِيبَةِ مَا أُعْطِيَ هَذِهِ الْأُمَّةُ، يَعْنِي إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ وَلَوْ أُعْطِيَ أَحَدٌ لَأُعْطِيَ نَبِيُّ اللَّهِ يَعْقُوبَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَلَمْ تَسْمَعْ إلَى قَوْلِهِ فِي فَقْدِ يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - {يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ} [يوسف: ٨٤] أُولَئِكَ أَصْحَابُ هَذِهِ الصِّفَةِ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ. .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute