للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ أَحْسَنَ الْقَائِلُ:

قَدْ يُدْرِكُ الْمَجْدَ الْفَتَى وَإِزَارُهُ ... خَلَقٌ وَجَيْبُ قَمِيصِهِ مَرْقُوعُ

وَأَنْشَدَ ابْنُ دُرَيْدٍ لِبَعْضِ الْأَعْرَابِ:

يُغَايِظُونَا بِقُمْصَانٍ لَهُمْ جُدُدٍ ... كَأَنَّنَا لَا نَرَى فِي السُّوقِ قُمْصَانَا

لَيْسَ الْقَمِيصُ وَإِنْ جَدَّدْت رُقْعَتَهُ ... بِجَاعِلٍ رَجُلًا إلَّا كَمَا كَانَا

وَعَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: إذَا لَبِسْتَ ثَوْبًا فَظَنَنْت أَنَّك فِيهِ أَفْضَلُ مِمَّا فِي غَيْرِهِ فَبِئْسَ الثَّوْبُ هُوَ لَكَ.

وَقَالَ مَنْصُورُ بْنُ عَمَّارٍ: مَنْ تَعَرَّى مِنْ لِبَاسِ التَّقْوَى لَمْ يَسْتَتِرْ بِشَيْءٍ مِنْ لِبَاسِ الدُّنْيَا وَقَدْ قِيلَ: لَا يَسُودُ الْمَرْءُ حَتَّى لَا يُبَالِيَ فِي أَيِّ ثَوْبَيْهِ ظَهَرَ.

وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: رَأَيْت أَعْرَابِيًّا فَاسْتَنْشَدْتُهُ فَأَنْشَدَنِي أَبْيَاتًا وَرَوَى أَخْبَارًا، فَتَعَجَّبْت مِنْ مَقَالِهِ وَسُوءِ حَالِهِ، فَسَكَتَ سَكْتَةً ثُمَّ قَالَ هَذِهِ الْأَبْيَاتُ:

أَأُخَيَّ إنَّ الْحَادِثَا ... تِ تَرْكَنَنِي عَرَكَ الْأَدِيمِ

لَا تُنْكِرَنْ أَنْ قَدْ رَأَيْت ... أَخَاك فِي كَرْبٍ عَدِيمِ

إنْ كُنَّ أَثْوَابِي بُلِينَ ... فَإِنَّهُنَّ عَلَى كَرِيمِ

وَقَالَ آخَرُ وَعَزَاهَا فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى لِلْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَرَضِيَ عَنْهُ:

عَلَيَّ ثِيَابٌ لَوْ تُقَاسُ جَمِيعُهَا ... بِفَلْسٍ لَكَانَ الْفَلْسُ مِنْهُنَّ أَكْثَرَا

وَفِيهِنَّ نَفْسٌ لَوْ يُقَاسُ بِبَعْضِهَا ... نُفُوسُ الْوَرَى كَانَتْ أَجَلَّ وَأَكْبَرَا

وَمَا ضَرَّ نَصْلَ السَّيْفِ إخْلَاقُ غِمْدِهِ ... إذَا كَانَ عَضْبًا حَيْثُ وَجَّهْته بَرَى

وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَأَحْسَنَ:

لَا يُعْجِبَنَّكَ مَنْ يَصُونُ ثِيَابَهُ ... حَذَرَ الْغُبَارِ وَعِرْضُهُ مَبْذُولُ

وَلَرُبَّمَا افْتَقَرَ الْفَتَى فَرَأَيْته ... دَنِسَ الثِّيَابِ وَعِرْضُهُ مَغْسُولُ

وَقَالَ الْمُتَنَبِّي:

لَئِنْ كَانَ ثَوْبِي دُونَ قِيمَتِهِ فَلْسٌ ... فَلَا فِيهِ نَفْسٌ دُونَ قِيمَتِهَا الْإِنْسُ

فَثَوْبُك بَدْرٌ تَحْتَ أَنْوَارِهِ الدُّجَى ... وَثَوْبِي لَيْلٌ تَحْتَ أَطْمَارِهِ شَمْسٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>