أَنْ يَتَجَرَّدَ ذَكَرَانِ أَوْ أُنْثَيَانِ (عُرْيًا) بِأَنْ يَنَامَا فِي إزَارٍ أَوْ لِحَافٍ وَاحِدٍ وَلَا ثَوْبٍ بَيْنَهُمَا (بِمَرْقَدٍ) مَحَلُّ الرُّقُودِ يَعْنِي النَّوْمَ.
وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ مُبَاشَرَةِ الرَّجُلِ الرَّجُلَ» .
وَثِنْتَيْنِ وَافْرُقْ فِي الْمَضَاجِعِ بَيْنَهُمْ ... لَوْ إخْوَةً مِنْ بَعْدِ عَشْرٍ تُسَدَّدْ
(وَ) كَذَا يُكْرَهُ الْتِصَاقُ (ثِنْتَيْنِ) يَعْنِي أُنْثَيَيْنِ «لِنَهْيِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ مُبَاشَرَةِ الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ» .
قُلْت: فَإِنْ مَسَّ أَحَدُهُمَا عَوْرَةَ الْآخَرِ حُرِّمَ عَلَى الْمَاسِّ؛ لِأَنَّ اللَّمْسَ كَالنَّظَرِ، وَأَوْلَى.
وَذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الرِّعَايَةِ وَقَيَّدَ الْكَرَاهَةَ بِكَوْنِهِمَا مُمَيَّزَيْنِ، ثُمَّ قَالَ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا غَيْرَ زَوْجٍ وَسَيِّدٍ وَمَحْرَمٍ احْتَمَلَ التَّحْرِيمَ. قُلْت: إنْ لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ الِاخْتِلَاءُ فَلَا شَكَّ فِي الْحُرْمَةِ.
وَإِلَّا فَكَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ. ثُمَّ رَأَيْته فِي الْآدَابِ مُصَرَّحًا.
(وَافْرُقْ) أَيُّهَا الْوَلِيُّ (فِي الْمَضَاجِعِ) جَمْعُ مَضْجَعٍ مَوْضِعُ الضُّجُوعِ يَعْنِي النَّوْمَ وَأَصْلُهُ وَضْعُ الْجَنْبِ بِالْأَرْضِ (بَيْنَهُمْ) أَيْ بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ مِنْ أَوْلَادِك وَمَنْ لَك عَلَيْهِمْ الْوِلَايَةُ وَلَا تَدَعْهُمْ يَنَامُونَ سَوِيَّةً وَلَوْ كَانُوا (إخْوَةً) سَدًّا لِبَابِ الذَّرَائِعِ وَحَسْمًا لِمَادَّةِ الْفَسَادِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْك (مِنْ بَعْدِ) بُلُوغِهِمْ لِ (عَشْرٍ) مِنْ السِّنِينَ مِنْ حِينِ وِلَادَتِهِمْ، فَإِنْ فَعَلْت مَا أُمِرْت بِهِ (تُسَدَّدْ) أَيْ تُوَفَّقُ لِفِعْلِ الْخَيْرَاتِ وَتُقَوَّمُ لِسُلُوكِ طَرِيقِ الِاسْتِقَامَةِ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: سَدَّدَهُ تَسْدِيدًا قَوَّمَهُ، وَوَفَّقَهُ لِلسَّدَادِ أَيْ الصَّوَابِ مِنْ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ. وَأَمَّا سِدَادُ الْقَارُورَةِ وَالثَّغْرِ فَبِالْكَسْرِ فَقَطْ، وَسِدَادٌ مِنْ عَوَزٍ وَعَيْشٍ لِمَا يُسَدُّ بِهِ الْخَلَّةَ وَقَدْ يُفْتَحُ أَوْ هُوَ لَحْنٌ. انْتَهَى. يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا امْتَثَلَ لِأَوَامِرِ الشَّارِعِ كَانَ حَرِيًّا أَنْ يُوَفَّقَ لِلصَّوَابِ، أَوْ أَنَّ فِعْلَهُ الَّذِي فَعَلَهُ هُوَ الصَّوَابُ.
قَالَ عُلَمَاؤُنَا وَغَيْرُهُمْ: مَنْ بَلَغَ مِنْ الصِّبْيَانِ عَشْرَ سِنِينَ مُنِعَ مِنْ النَّوْمِ مَعَ أُخْتِهِ وَمَعَ مَحْرَمٍ وَغَيْرِهِمَا مُتَجَرِّدِينَ، وَهَذَا عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْمَذْهَبِ كَمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَاخْتَارَ أَكْثَرُ عُلَمَائِنَا وُجُوبَ التَّفْرِيقِ فِي ابْنِ سَبْعِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ، وَأَنَّ لَهُ عَوْرَةً يَجِبُ حِفْظُهَا.
وَيُتَوَجَّهُ أَنْ يُقَالَ يَجُوزُ تَجَرُّدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute