فَقَالَ إذَا آوَيْت إلَى فِرَاشِك فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ حَتَّى تَخْتِمَهَا فَإِنَّهُ لَنْ يَزَالَ عَلَيْك مِنْ اللَّهِ حَافِظٌ وَلَا يَقْرَبُك شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَدَقَك وَهُوَ كَذُوبٌ» . وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ نَحْوَ هَذِهِ الْقِصَّةِ فِي مُسْنَدِهِ أَنَّهَا جَرَتْ لِأَبِي الدَّرْدَاءِ. وَرَوَاهَا الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ أَنَّهَا جَرَتْ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ عَنْ فِرَاشِهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ فَلْيَنْفُضْهُ بِصَنِفَةِ إزَارِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا خَلَّفَهُ عَلَيْهِ بَعْدَهُ وَإِذَا اضْطَجَعَ فَلْيَقُلْ بِاسْمِك رَبِّي وَضَعْت جَنْبِي وَبِك أَرْفَعُهُ، فَإِنْ أَمْسَكْت نَفْسِي فَارْحَمْهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ» . قَوْلُهُ بِصَنِفَةِ إزَارِهِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ أَيْ بِحَاشِيَةِ إزَارِهِ. وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ: صَنِفَةُ الْإِزَارِ بِكَسْرِ النُّونِ طَرَفُهُ مِمَّا يَلِي طُرَّتَهُ. وَفِيهِمَا عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ فَاطِمَةَ أَتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَسْأَلُهُ خَادِمًا فَلَمْ تَجِدْهُ، وَوَجَدَتْ عَائِشَةَ فَأَخْبَرَتْهَا، قَالَ عَلِيٌّ فَجَاءَنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا فَقَالَ: أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ، إذَا آوَيْتُمَا إلَى فِرَاشِكُمَا فَسَبِّحَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَاحْمِدَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ فَإِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ، قَالَ عَلِيٌّ فَمَا تَرَكْتهنَّ مُنْذُ سَمِعْتهنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِيلَ وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ؟ قَالَ وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ» . قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي كِتَابِهِ الْكَلِمِ الطَّيِّبِ: وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّهُ مَنْ حَافَظَ عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَاتِ لَمْ يَأْخُذْهُ عَيَاءٌ فِيمَا يُعَانِيهِ مِنْ شَغْلٍ وَنَحْوِهِ انْتَهَى. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ قَالَ «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَكَفَانَا وَآوَانَا، فَكَمْ مِمَّنْ لَا كَافِيَ لَهُ وَلَا مَأْوَى»
قَالَ فِي شَرْحِ أَوْرَادِ أَبِي دَاوُد: قَوْلُهُ: آوَانَا هُنَا مَمْدُودٌ عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ، وَحُكِيَ بِالْقَصْرِ وَمَعْنَى آوَانَا جَمَعَنَا وَضَمَّنَا إلَيْهِ، وَأَوَيْت إلَى الْمَنْزِلِ أَيْ رَجَعْت إلَيْهِ وَدَخَلْته.
وَقَالَ فِي قَوْلِهِ مَنْ أَوَى إلَى فِرَاشِهِ مَقْصُورٌ لِأَنَّهُ فِعْلٌ لَازِمٌ وَبِمَدٍّ إذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا، وَحُكِيَ اللُّغَتَانِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute