للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَجَّاوِيَّ أَثْبَتَهُ بَعْدَ الْبَيْتِ الَّذِي شَرَحْنَاهُ وَهُوَ مِنْ كَلَامِ النَّاظِمِ بِلَا شَكٍّ وَعَلَيْهِ نَفْسِهِ، وَهَا نَحْنُ نُثْبِتُهُ هُنَا، وَإِنْ كُنَّا ذَكَرْنَا مَضْمُونَهُ فِي التَّتِمَّةِ، فَنَقُولُ: قَالَ النَّاظِمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

مَطْلَبٌ: يُسَنُّ عِنْدَ إرَادَةِ النَّوْمِ نَفْضُ الْفِرَاشِ.

وَفِيهِ فَوَائِدُ الْإِثْمِدِ

وَيَحْسُنُ عِنْدَ النَّوْمِ نَفْضُ فِرَاشِهِ ... وَنَوْمٌ عَلَى الْيُمْنَى وَكُحْلٌ بِإِثْمِدِ

(وَيَحْسُنُ) بِمَعْنَى يُسَنُّ (عِنْدَ) إرَادَةِ (النَّوْمِ نَفْضُ فِرَاشِهِ) أَيْ مَرِيدِ النَّوْمِ.

قَالَ فِي الْقَامُوسِ: نَفَضَ الثَّوْبَ حَرَّكَهُ لِيَنْتَفِضَ، وَالنُّفَاضَةُ مَا سَقَطَ مِنْ الْمَنْفُوضِ كَالنُّفَاضِ، وَيُكْسَرُ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَقَدِّمِ «إذَا آوَى أَحَدُكُمْ إلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْفُضْهُ بِدَاخِلَةِ إزَارِهِ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا خَلَّفَهُ عَلَيْهِ» . (وَ) يَحْسُنُ (نَوْمُ) الْإِنْسَانِ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى (عَلَى) يَدِهِ وَصَفْحَتِهِ (الْيُمْنَى) لِمَا قَدَّمْنَا أَنَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَتَوَسَّدُ كَفَّهُ الْيُمْنَى بِخَدِّهِ الْيَمِينِ.

(وَ) يَحْسُنُ لِمُرِيدِ النَّوْمِ يَعْنِي يُسْتَحَبُّ وَيُسَنُّ لَهُ (كُحْلٌ بِإِثْمِدِ) مُطَيَّبٌ فِي كُلِّ عَيْنٍ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ، وَتَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ. وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْإِثْمِدَ هُوَ حَجَرُ الْكُحْلِ الْأَسْوَدِ يُؤْتَى مِنْ أَصْبَهَانَ، وَهَذَا هُوَ أَفْضَلُهُ، وَمِنْهُ مَا يُؤْتَى بِهِ مِنْ جِهَةِ الْغَرْبِ، وَأَفْضَلُهُ السَّرِيعُ التَّفَتُّتِ الَّذِي لِفُتَاتِهِ بَصِيصٌ، وَدَاخِلُهُ أَمْلُسُ، وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْأَوْسَاخِ وَهُوَ بَارِدٌ يَابِسٌ. وَمِنْ فَوَائِدِهِ أَنَّهُ يُذْهِبُ بِاللَّحْمِ الزَّائِدِ فِي الْجُفُونِ وَيَدْمُلهَا، وَيُنَقِّي أَوْسَاخَهَا وَيَجْلُوهَا كَمَا أَخْبَرَ سَيِّدُ الْبَشَرِ، وَيُذْهِبُ الصُّدَاعَ إذَا اكْتَحَلَ بِهِ مَعَ الْعَسَلِ الْمَائِيِّ الرَّقِيقِ، وَهُوَ أَجْوَدُ أَكْحَالِ الْعَيْنِ خُصُوصًا لِلْمَشَايِخِ وَاَلَّذِينَ قَدْ ضَعُفَتْ أَبْصَارُهُمْ، سِيَّمَا إذَا جُعِلَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ الْمِسْكِ.

وَمِنْ فَوَائِدِهِ أَيْضًا أَنَّهُ يَحْفَظُ صِحَّةَ الْعَيْنِ، وَتَقْوِيَةَ النُّورِ لِلْبَاصِرِ، وَهُوَ يُلَطِّفُ الْمَادَّةَ الرَّدِيئَةَ وَاسْتِخْرَاجَهَا، وَلَهُ عِنْدَ النَّوْمِ مَزِيدُ فَضْلٍ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْكُحْلِ، وَسُكُونِ الْعَيْنِ عَقِبَهُ عَنْ الْحَرَكَةِ الْمُضِرَّةِ بِهَا وَخِدْمَةِ الطَّبِيعَةِ لَهَا كَمَا فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>