للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَأَمْنَعَنَّ فُرُوجَ ذَوِي الْأَحْسَابِ إلَّا مِنْ الْأَكْفَاءِ وَلِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ يَتَضَرَّرُ بِهِ مَنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ فَلَمْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ زَوَّجَهَا وَلِيُّهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا.

وَقَالَ سَلْمَانُ لِجَرِيرٍ: إنَّكُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ لَا يَتَقَدَّمُ فِي صَلَاتِكُمْ، وَلَا تُنْكَحُ نِسَاؤُكُمْ. إنَّ اللَّهَ فَضَّلَكُمْ عَلَيْنَا بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَعَلَهُ فِيكُمْ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّ الْكَفَاءَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا، وَهِيَ الْمَذْهَبُ. نَعَمْ هِيَ شَرْطٌ لِلُزُومِ النِّكَاحِ. قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ كَغَيْرِهِ: وَالْكَفَاءَةُ فِي زَوْجٍ شَرْطٌ لِلُزُومِ النِّكَاحِ لَا لِصِحَّتِهِ فَيَصِحَّ مَعَ فَقْدِهَا فَهِيَ حَقٌّ لِلْمَرْأَةِ وَالْأَوْلِيَاءِ كُلِّهِمْ حَتَّى مَنْ يُحَدِّثَ، فَلَوْ زُوِّجَتْ بِغَيْرِ كُفْءٍ فَلِمَنْ لَمْ يَرْضَ الْفَسْخَ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالْأَوْلِيَاءِ جَمِيعِهِمْ فَوْرًا وَمُتَرَاخِيًا. وَيَمْلِكُهُ الْأَبْعَدُ مَعَ رِضَا الْأَقْرَبِ وَالزَّوْجَةُ. نَعَمْ لَوْ زَالَتْ الْكَفَاءَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ اخْتَصَّ الْخِيَارُ بِالزَّوْجَةِ فَقَطْ.

وَالْكَفَاءَةُ مُعْتَبَرَةٌ فِي خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: أَحَدُهَا: الدِّينُ، فَلَا يَكُونُ الْفَاجِرُ وَالْفَاسِقُ كُفُؤًا لِعَفِيفٍ عَدْلٍ.

الثَّانِي: الْمَنْصِبُ وَهُوَ النَّسَبُ، فَلَا يَكُونُ الْأَعْجَمِيُّ وَهُوَ مَنْ لَيْسَ مِنْ الْعَرَبِ كُفُؤًا لِعَرَبِيَّةٍ.

(الثَّالِثُ) : الْحُرِّيَّةُ، فَلَا يَكُونُ الْعَبْدُ وَلَوْ مُبَعَّضًا كُفُؤًا لِحُرَّةٍ وَلَوْ عَتِيقَةً.

(الرَّابِعُ) : الصِّنَاعَةُ، فَلَا يَكُونُ صَاحِبُ صِنَاعَةٍ دَنِيئَةٍ كَحِجَامَةٍ، وَحِيَاكَةٍ، وَزَبَّالٍ، وَكَسَّاحٍ كُفُؤًا لِبِنْتِ مَنْ هُوَ صَاحِبُ صِنَاعَةٍ جَلِيلَةٍ كَالتَّاجِرِ وَالْبَزَّازِ وَصَاحِبِ الْعَقَارِ.

(الْخَامِسُ) : الْيَسَارُ بِمَالٍ بِحَسَبِ مَا يَجِبُ لَهَا مِنْ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ بِحَيْثُ لَا تَتَغَيَّرُ عَلَيْهَا عَادَتُهَا عِنْدَ أَبِيهَا فِي بَيْتِهِ، فَلَا يَكُونُ الْعَسِرُ كُفُؤًا لِمُوسِرَةٍ، وَلَيْسَ مَوْلَى الْقَوْمِ كُفُؤًا لَهُمْ، وَيَحْرُمُ تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ إلَّا بِرِضَاهَا وَيَفْسُقُ بِهِ الْوَلِيُّ، وَيَسْقُطُ خِيَارُهَا بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ. وَأَمَّا الْأَوْلِيَاءُ فَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْقَوْلِ، وَلَا تُعْتَبَرُ هَذِهِ الصِّفَاتُ فِي الْمَرْأَةِ فَلَيْسَتْ الْكَفَاءَةُ شَرْطًا فِي حَقِّهَا لِلرَّجُلِ.

الثَّانِي: مَنْ قَالَ إنَّ الْكَفَاءَةَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ كَالشَّافِعِيَّةِ، وَالرِّوَايَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>