للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نُورًا مِنْ الْحَقِّ لِطَالِبِهِ. وَالْقَابِسُ طَالِبُ النَّارِ وَهُوَ فَاعِلٌ مِنْ قَبَسَ. وَمِنْهُ حَدِيثُ الْعِرْبَاضِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «أَتَيْنَاك زَائِرِينَ وَمُقْتَبِسِينَ» ، أَيْ طَالِبِي الْعِلْمِ.

وَحَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: فَإِذَا رَاحَ اقْتَبَسْنَاهُ مَا سَمِعْنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْ أَعْلَمْنَاهُ إيَّاهُ، انْتَهَى.

وَفِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} [الحديد: ١٣] فَمُرَادُ النَّاظِمِ أَنْ تَكُونَ أَيُّهَا الْأَخُ الْبَاذِلُ جُهْدَهُ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ وَاسْتِفَادَتِهِ (طَلَّاعُ) أَيْ قَصَّادُ (أَنْجُدِ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَرَجُلٌ طَلَّاعُ الثَّنَايَا وَالْأَنْجُدِ كَشَدَّادٍ مُجَرِّبٍ لِلْأُمُورِ رَكَّابٌ لَهَا يَعْلُوهَا وَيَقْهَرُهَا بِمَعْرِفَتِهِ وَتَجَارِبِهِ وَجَوْدَةِ رَأْيِهِ أَوْ الَّذِي يَؤُمُّ مَعَالِيَ الْأُمُورِ، انْتَهَى. وَالْأَنْجُدُ جَمْعُ نَجْدٍ وَهُوَ مَا أَشْرَفَ مِنْ الْأَرْضِ وَالطَّرِيقِ الْوَاضِحِ الْمُرْتَفِعِ وَمَا خَالَفَ الْغَوْرَ أَيْ تِهَامَةَ، وَتُضَمُّ جِيمُهُ مُذَكَّرٌ، أَعْلَاهُ تِهَامَةُ وَالْيَمَنُ، وَأَسْفَلُهُ الْعِرَاقُ وَالشَّامُ، وَأَوَّلُهُ مِنْ جِهَةِ الْحِجَازِ ذَاتُ عِرْقٍ. قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ.

وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَالنَّجْدُ مَا ارْتَفَعَ مِنْ الْأَرْضِ وَهُوَ اسْمٌ خَاصٌّ لِمَا دُونَ الْحِجَازِ مِمَّا يَلِي الْعِرَاقَ: وَفِي لُغَةِ الْإِقْنَاعِ لِلْحَجَّاوِيِّ: النَّجْدُ مَا ارْتَفَعَ مِنْ الْأَرْضِ، وَالْجَمْعُ نُجُودٌ، مِثْلُ فَلْسٍ وَفُلُوسٍ، وَبِاسْمِ الْوَاحِدِ سُمِّيَتْ بِلَادٌ مَعْرُوفَةٌ مِنْ عَمَلِ الْيَمَنِ وَهُوَ مَا بَيْنَ جَرَشَ إلَى سَوَادِ الْكُوفَةِ. قَالَ ابْنُ خَطِيبِ الدَّهْشَةِ: وَأَوَّلُهُ نَاحِيَةُ الْحِجَازِ ذَاتُ عِرْقٍ وَآخِرُهُ سَوَادُ الْعِرَاقِ.

قَالَ فِي التَّهْذِيبِ: كُلُّ مَا وَرَاءَ الْخَنْدَقِ الَّذِي خَنْدَقَهُ كِسْرَى عَلَى سَوَادِ الْعِرَاقِ فَهُوَ نَجْدٌ إلَى أَنْ يَمِيلَ إلَى الْحَرَّةِ، فَإِذَا مِلْت إلَيْهَا فَأَنْتَ فِي الْحِجَازِ. وَفِي الْمَطَالِعِ: نَجْدٌ مَا بَيْنَ جَرَشَ إلَى سَوَادِ الْكُوفَةِ، وَحَدُّهُ مِمَّا يَلِي الْمَغْرِبَ، الْحِجَازُ عَلَى يَسَارِ الْكَعْبَةِ، وَنَجْدٌ كُلُّهَا مِنْ عَمَلِ الْيَمَامَةِ.

وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَنَجْدٌ مِنْ بِلَادِ الْعَرَبِ وَهُوَ خِلَافُ الْغَوْرِ، وَالْغَوْرُ هُوَ تِهَامَةُ كُلُّهَا، وَكُلَّمَا ارْتَفَعَ مِنْ تِهَامَةَ إلَى أَرْضِ الْعِرَاقِ فَهُوَ نَجْدٌ وَهُوَ مُذَكَّرٌ، انْتَهَى.

وَمُرَادُ النَّاظِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْ وَكُنْ مُجَرِّبًا لِلْأُمُورِ وَقَاهِرًا لَهَا وَمُحْكِمًا مَعْرِفَتَهَا بِدِقَّةِ النَّظَرِ وَحُسْنِ التَّجَارِبِ وَإِتْقَانِ مَا تَقْبِسُهُ مِنْ الْعُلُومِ وَالْمَعَارِفِ، كَثِيرَ الرِّحْلَةِ فِي تَحْصِيلِ الْعُلُومِ، عَالِي الْهِمَّةِ فِي التَّطَلُّعِ عَلَى دَقَائِقِهَا وَإِتْقَانِ حَقَائِقِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>