- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ» . وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو يَعْلَى وَإِسْنَادُهُمَا جَيِّدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِلَفْظٍ «مَا ذِئْبَانِ ضَارِيَانِ جَائِعَانِ بَاتَا فِي زَرِيبَةِ غَنَمٍ أَغْفَلَهَا أَهْلُهَا يَفْتَرِسَانِ وَيَأْكُلَانِ بِأَسْرَعَ فِيهَا فَسَادًا مِنْ حُبِّ الْمَالِ وَالشَّرَفِ فِي دِينِ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ» وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ بِنَحْوِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا.
وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الدُّنْيَا دَارُ مَنْ لَا دَارَ لَهُ، وَلَهَا يَجْمَعُ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ» وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَزَادَ «وَمَالُ مَنْ لَا مَالَ لَهُ» وَإِسْنَادُهُمَا جَيِّدٌ.
وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: اسْتَسْقَى عُمَرُ فَجِيءَ بِمَاءٍ قَدْ شِيبَ بِعَسَلٍ فَقَالَ إنَّهُ لَطَيِّبٌ لَكِنِّي أَسْمَعُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَعَى عَلَى قَوْمٍ شَهَوَاتِهِمْ فَقَالَ: أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمْ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَأَخَافُ أَنْ يَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَا فَلَمْ يَشْرَبْهُ ذَكَرَهُ رَزِينٌ، قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ: وَلَمْ أَرَهُ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: الْمُؤْمِنُ فِي الدُّنْيَا كَالْغَرِيبِ لَا يَجْزَعُ مِنْ ذُلِّهَا وَلَا يُنَافِسُ فِي عِزِّهَا النَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ، وَنَفْسُهُ مِنْهُ فِي شُغْلٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّجُلَ الْعَاقِلَ الْمُرَاقِبَ لَمْ يَقْصِدْ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ التَّلَذُّذَ بَلْ دَفْعَ الْجُوعِ مِمَّا يُوَافِقُ بَدَنَهُ وَيُقَوِّيه عَلَى الطَّاعَةِ، فَإِنْ قَصَدَ الِالْتِذَاذَ بِشَيْءٍ مِنْ الْمُتَنَاوِلَاتِ أَحْيَانًا لَمْ يُعَبْ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُعَابُ عَلَيْهِ الِانْهِمَاكُ فِي ذَلِكَ، وَلِذَا قَالَ النَّاظِمُ (أَكَبَّ عَلَى اللَّذَّاتِ) يَعْنِي أَقْبَلْ عَلَيْهَا بِكُلِّيَّةٍ، وَهَذَا لَيْسَ مِنْ شَأْنِ أَهْلِ الْإِيمَانِ، بَلْ شَأْنُهُمْ الْإِقْبَالَ عَلَى اللَّهِ فِي جَمِيعِ شُؤُونِهِمْ.
وَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ سُلَّمٌ يَتَوَصَّلُونَ بِهِ إلَى التَّقْوَى عَلَى الْعِبَادَةِ وَالطَّاعَةِ، فَإِذَا أَكَلُوا أَوْ شَرِبُوا أَوْ لَبِسُوا أَوْ نَكَحُوا أَوْ فَعَلُوا مِنْ نَحْوِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ شَيْئًا فَعَلُوهُ بِهَذِهِ النِّيَّةِ، وَإِذَا تَرَكُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ تَرَكُوهُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَيَكُونُ فِعْلُهُمْ وَتَرْكُهُمْ عِبَادَةً، وَكَذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ إنَّهُ تَرَكَ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ مِنْ أَجْلِي» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute