في الحديث:(أن روح القدس) أي جبريل عليه السلام، (نفث في روعي) أي في نفسي، (وقال: يا محمد، اعلم أن نفساً لن تموت حتى تستكمل أجلها ورزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، واعلموا أنما عند الله لا ينال إلا بطاعته).
فإن كنت مطيعاً لله عز وجل ساق إليك الخير، وإن كنت كافراً جاحداً مشركاً ربما ساق إليك الخير أكثر من المؤمن الموحد، ولكن هذا حظك ونصيبك في الدنيا، والله تبارك وتعالى حكم عدل، ولذلك اغتر الناس بأن الله من على الكافرين والملحدين والمشركين بنعم عظيمة جداً، وفتح عليهم بفتوحات الدنيا من أولها إلى آخرها، يقولون: إن الله تبارك وتعالى ما من عليهم بهذا إلا لحبه إياهم، وهذه انتكاسة أخرى عظيمة، فإن الله عز وجل إنما يفتح بأبواب الخير الدنيوية على الكفار والمشركين؛ لأن هذا جزاء أعمالهم في الدنيا، فإذا أتوا على الله عز وجل يوم القيامة فليس لهم عنده حظ ولا نصيب.
أما المؤمن فحظه الأوفى ونصيبه الأوفر عند الله عز وجل؛ لأنه قد أعد له في الجنة ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ولو كانت النعم العظيمة والمال الوفير ممدوحاً عند الله، لكان أول من كان غنياً وثرياً الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين، بل قد ورد أن معظم الأنبياء كانوا فقراء، كانوا يعملون ويكدون ويتعبون ويأكلون من كسب أيديهم، ومن عمل أيديهم، كنبي الله داود، وزكريا، ومحمد عليه الصلاة والسلام، فإنه كان يرعى الغنم والإبل وغير ذلك ليتكسب ويقتات ويأكل من عمل يده.