للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتقديمه على الإيمان]

وردت آيات وأحاديث تفيد بإطلاقها وظاهرها أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على كل أحد حتى وإن كان جاهلاً.

قال الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:١١٠]، فذكر الإيمان بالله بعد هذا الواجب العظيم، لا لأن الله تعالى قد فرضه علينا قبل الإيمان، ولكن لأهميته في حفظ الإيمان؛ فإن الإيمان لا يحفظ إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

أما قوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} [آل عمران:١١٠] فهو يفيد حصر جميع أفراد الأمة رجالاً ونساءً، وهذا يعني أن ذلك واجب على كل مكلف، وهذا احتراز من المجنون، أو السفيه، أو الطفل الذي لم يبلغ، أما الرجال والنساء فإن الجميع مكلف بهذا الواجب العظيم.

وفي آية أخرى يبين الله تبارك وتعالى أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إنما هو واجب كفائي، إذا قام به البعض سقط عن الآخرين، وإذا تخلف عنه الجميع أثموا، قال الله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ} [آل عمران:١٠٤] أي: طائفة يا معشر المسلمين، {يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} [آل عمران:١٠٤] والخير: هو الإسلام، أو الدين، أو الإحسان، أو كل ما شرعه الله تعالى ورسوله من الحلال والحرام وغير ذلك.

{وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران:١٠٤].

فإذا فعلوا ذلك فقد رتب الله تبارك وتعالى على حسن صنيعهم الفلاح في الدنيا والآخرة، ولذلك قال في نهاية الآية: {وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران:١٠٤].

وقال الله تعالى لنبيه آمراً إياه أن يصدع بالحق الذي جاء به، فقال: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} [الحجر:٩٤] وهذه الآية آية مكية، والنبي عليه الصلاة والسلام أُمر بإعلان الدعوة قبل الهجرة إلى المدينة النبوية المشرفة.

وقال الله تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف:٢٩].

بعض الناس يظن أن الأمر للتخيير، وهو للتهديد والوعيد! فمن شاء منكم أن يؤمن فله الجزاء الأوفى، ومن شاء منكم أن يكفر فله العقاب.

فقوله: (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ) أي: ما عليك إلا أن تقول بالحق يا محمد أنت ومن تبعك أنت ومن سار على نهجك أنت ومن آمن بك، فمن شاء بعد ذلك من الناس أن يؤمن، ومن شاء منهم بعد ذلك أن يكفر، والله تبارك وتعالى قد أعد لكلا الفريقين جزاءه، إما جنة وإما ناراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>