للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[واجب شباب الصحوة تجاه التوحيد وما يضاده من الشرك]

الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على رسوله المصطفى، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد: فإن شباب الصحوة في حيرة عظيمة، كأنهم دخلوا في حظيرة حيوانات مختلفة، منهم: الجاهل الذي يتكلم بجهل، وينضح ما في بئره على الآخرين.

ومنهم: صاحب الهوى والشبهة.

ومنهم: العلماني الملحد الذي يقف على رأس كل مسألة من مسائل الدين والشرع بالاتهام والإلحاد والاستهزاء والسخرية.

ومنهم: الطرابيش أصحاب العمائم الذين يعلمون الحق، لكنهم يحيدون عنه؛ لهوى، أو شهوة، أو كرسي، أو منصب أو زعامة أو خوف.

ومنهم: من ملك القدرة والقمع، لكنه يعمل بالليل والنهار على قمع أهل الحق والإيمان والتوحيد والدعوة إلى الله، ويحول بينهم وبين تبليغ رسالتهم، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

فماذا يصنع شباب الصحوة في ظل نصوص شرعية في الكتاب والسنة، وأمور أجمعت عليها الأمة؟ نقول: إنهم جهات في مكان، وقد يحال بينهم وبين دعوتهم، لكن إذا مكنوا في مكان آخر أيعذرون بين يدي الله عن تركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، خاصة إذا كان ذلك في أعظم واجب، بل هو الغرض من إرسال الرسل، ألا وهو تحقيق التوحيد في قلوب الخلق، ونبذ الشرك، والدعوة إلى إبطال البدع؟ النبي عليه الصلاة والسلام أردف معاذاً خلفه فقال: (يا معاذ بن جبل؟! أتدري ما حق الله على العبيد؟ قلت: الله ورسوله أعلم) فمضت ساعة ثم ساعة وهو يكرر السؤال؛ ليجمع حواس معاذ وينتبه، ويلتفت للأمر المهم العظيم الذي هو أعظم حق لله على العبيد.

قال: (أن يعبدوه).

وفي رواية: (أن يوحدوه ولا يشركوا به شيئاً).

وجعل لهم جزاء ذلك: أن يغفر لهم، وأن يدخلهم الجنة، والله تعالى يقول: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج:٣١].

وقال تعالى: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيدًا} [النساء:١١٦].

وقال سبحانه: {مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} [المائدة:٧٢].

وغير ذلك من نصوص وردت تدعو إلى توحيد الله، ونبذ ما عداه من شرك وبدع، وخرافات وخزعبلات؛ لأن الدين لا يصفو إلا بطلب العلم على أصول علمية صحيحة.

هذه هي المهمة التي أرسل الله تعالى لأجلها الرسل، وهو ثابت في القرآن وفي سير الأنبياء والمرسلين مع أقوامهم ومن أرسلوا إليهم، فإذا ثبت ذلك فإن عبادة الأصنام والأوثان والتماثيل والصور من أعظم الشرك، ومن أعظم الشرك أن يتقرب المرء إلى الله عز وجل بصنم يعبد في أي بقعة من بقاع الأرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>