هل المسبحة حرام أم سنة كما قال بعض المسلمين، وهل الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري كان له مسبحة بها (٢٠٠) حبة.
نرجو التوضيح والإرشاد يرحمكم الله؟
الجواب
المسبحة مما اختلف فيه أهل العلم، وقد نسبها بعض المحدثين أو بعض العلماء للبدعة إلا أني أتوقف في ذلك، ومن العلماء من يقول: إن المسبحة سنة.
والأمر فيها واسع، فلا يستطيع المرء أن يحكم عليها بالسنية ولا بالبدعية، وهناك بعض الناس صنف رسالة يثبت فيها سنية المسبحة، ثم أتى بحديث وعزاه إلى أبي هريرة رضي الله عنه من قوله أو من فعله: أنه كان له مسبحة يسبح عليها، وذكر أن هذا الحديث للطبراني في كتابه الدعاء، وكان كتاب الطبراني وقتئذ لم يطبع، فلما طبع الكتاب راجعته من أوله إلى آخره، حتى أقف على هذا الدليل فلم أتمكن من ذلك، فلعله -مع حسن الظن بهذا الأخ- في نسخة أخرى لم يعتمد عليها المحقق، وإن كنا نسيء به الظن وخاصة أنه من أهل البدع نقول: ليس هناك دليل على هذا، وإنما استقاه من هواه ومن حبه للطعن في الشيخ ناصر الدين الألباني أكرمه الله وأعزه، فالأمر فيها واسعٌ وقد صحت الأحاديث والآثار بتسبيح بعض الصحابة والصحابيات، بل إن إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم كانت تسبح بالحصى تنقله من هنا إلى هناك، لكن أبا موسى الأشعري لما وجد الناس متحلقين حلقاً في المسجد ذهب إلى عبد الله بن مسعود وكان عالماً كبيراً من علماء الصحابة، ودعاه إلى أن يصرف هؤلاء الناس عن هذه الحلق والمجالس، فدخل عليهم عبد الله بن مسعود فوجدهم ينقلون الحصى من مكان إلى مكان، فقال: أحصوا عليكم ذنوبكم ودعوا تسبيحكم لله، يعني: إن كنتم عادين فعدوا سيئاتكم وذنوبكم ولا تعدوا حسناتكم، دعوها لله تعالى، فالحقيقة أن أمر المسبحة أمر مشكل، فلا أستطيع أن أقول ببدعته ولا بسنيته، والأمر فيه واسع أيضاً كوضع اليد على الصدر بعد الرفع من الركوع؛ فإنه لم يأت على سنيته دليل صحيح صريح، وكذلك الذي قال: إنه بدعة ليس معه دليل، أو لا يسن له ذلك الأمر، فالأمر فيه واسع، وأظن أن الراجح فيه: اتباع الإمام، فإن فعل الإمام ذلك يتبعه المأموم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(إنما جعل الإمام ليؤتم به) والله تعالى أعلم.
أما أبو ذر فلم يكن عنده مسبحة فيها (٢٠٠) حبة، فإن أكبر مسبحة تسع وتسعون.