أعلم أن الدين لا يبيح للزوج ترك زوجته كالمعلقة، في حالة ما إذا رغبت عن احتمال مسيرة الحياة الزوجية معه، ولكن ما هو الحل لها في بلدنا هذا بدون هذا القانون، علماً بأني لست أساند هذه القوانين بعدما شرحتم سيادتكم بطلانها شرعاً، ولكن ما حيلة المرأة إذاً، علماً بأني قد تُركت معلقة مدة عشر سنوات حتى شاء الله أن يلقي في طريقه من دفعته لتطليقي، ولقد كان لي أكثر من عذر شرعي في كراهيتي لحياتي معه؟
الجواب
إن هذا الدين يحتاج إلى رجال يحملونه، ولذلك جاء رجل سنة (١٩٨١م) ونحن في محاضرة في المنصورة إلى المحاضر، وقام إليه كالمتهجم على الشرع، ثم ناوله عدة من الأسئلة وقال: يا فلان! خذ هذه الأسئلة للإسلام وحلها، قال: ومن صاحبها؟ قال: أنا، قال المخاطب: أسلم أنت أولاً وستحل هذه القضايا بعد ذلك.
ولذلك كان إذا أتى إلى مالك رجل يسأله لم يجبه حتى يتأدب في السؤال، فلما يتأدب يجيبه مالك، فقال: ما الذي منعك أن تجيبني وسؤالي واحد؟ قال: سل تعلماً ولا تسل تعنتاً.
فالشاهد من هذا أن الإسلام يحتاج إلى رجال وإلى نسوة يحملونه أحسن محمل، فإذا كان الحل الشرعي الذي قصد به الله تعالى ورسوله هو حل عقدة النكاح، فيجب على الرجل والمرأة أن يمتثلا هذا الأمر، وإذا كان هناك أمل من استمرار مسيرة النكاح وقيام العلاقة الزوجية بين الرجل وامرأته، فتقوم هذه الحياة على أمر الله تعالى ورسوله، أما وأن يحمل الرجل امرأته حملاً على القيام معه بالزوجية، ثم هو يحرمها حقوقها، فهذا عضل وهذا تعليق لا يحل للرجل؛ ولذلك كم من الناس يخشى الله تبارك وتعالى؟ كم من المسلمين عنده هذا الروح؟ الواحد منا يؤنب نفسه بالليل والنهار في صغيرة ارتكبها، وكثير من الناس يقع في المحرمات والكبائر ثم هو لا يبالي بها، فمنهم من يستصغر الكبيرة، ومنهم من يستعظم الصغائر.
فلذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام فيما صح عنه في الصحيحين وغيرهما:(إن المؤمن ليرى معصيته كالجبل يكاد يخر عليه)، أي: إن المؤمن يرى معصيته مهما كانت صغيرة كالجبل يكاد يخر على رأسه، (وإن الفاجر يرى معصيته كذباب وقع على أنفه فقال به هكذا) أي: فطار.
ولذلك لابد أن يراجع كل واحد منا نفسه في حياته وشئونه وفي سيرته مع الله عز وجل، هل هو تائب إلى الله تعالى بتقوى وذل وخضوع واستكانة واستسلام وانقياد لله عز وجل في جميع شئون حياته؟ فإذا كانت المرأة فعلاً تعيش مع زوجها معلقة عشر سنوات، أنا لا أدري أي قلب هذا؟ ولك أن تتصور المفاسد التي قامت بين الزوجين لمدة عشر سنوات لا يجامع الرجل فيها امرأته، وهما تحت سقف واحد، الأمر يهون إذا كان الزوج في سفر، مع أن هذا مخالف من جهة الشرع، لكن على أية حال بُعد الرجل عن المرأة وبُعد المرأة عن زوجها أمر يهون، بخلاف ما إذا كان كل منهما ينام في سرير، أو أنهما ينامانا في سرير واحد، ولكن الرجل يصر على ألا يعطي امرأته حق الفراش، أو أن المرأة تمتنع أن تعطي زوجها حقه في الفراش، بلاء عظيم جداً، ولك أن تتصور المفاسد التي نجمت بين زوجين فضلاً عن انعكاس هذه الحياة السيئة على تربية الأولاد التي هي المبتغى، فالذي أفهم منه أن هذه الزوجة طلقت، فإذا كان الطلاق قد وقع فلا بأس بذلك، وهو خير من استمرار الحياة على هذا النحو.