إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[آل عمران:١٠٢].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}[الأحزاب:٧٠ - ٧١] أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وما قَلَّ وكفى خير مما كَثُر وألهى، وإنما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين.
اللهم صل على محمد وآل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد.
ثم أما بعد: يتردد في هذه الآونة سؤال بين كثير من الشباب وخاصة بين شباب الصحوة مضمونه: لماذا غُلب هؤلاء وأولئك في فلسطين وأفغانستان؟ ألم يعد الله تبارك وتعالى بالنصر والتمكين لعباده المؤمنين؟ فوقع هؤلاء بين فكين كلاهما مر: أحدهما كفر، والآخر إساءة ظن.
أما الكفر: فبعضهم شك في وعد الله عز وجل، وأما سوء الظن فإنهم شككوا في إيمان وصلاح تلك الطوائف من أهل الإيمان في أفغانستان وفلسطين، وخفي على هؤلاء جميعاً أنه لا يلزم أن يكون النصر نصراً مادياً أو عسكرياً، وأن النصر الحقيقي إنما هو نصر العقيدة والإيمان، هذا هو النصر الذي وعد الله تبارك وتعالى به، وإذا كان النصر هو النصر المادي فحسب والغلبة والقهر، فكم من أنبياء بني إسرائيل قتلتهم بنو إسرائيل، فهل تلك هزيمة لهؤلاء الأنبياء؟ فإن قالوا: نعم.
كفروا بالله عز وجل، ولذلك أعظم الناس بلاءً نبينا عليه الصلاة والسلام، أنسيتم ما حدث له في الطائف؟ أنسيتم ما حدث له في مكة بين أهله وعشيرته؟ أنسيتم أنهم أدموه عليه الصلاة والسلام وسبوه وشتموه؟ أهذه هزيمة للنبي عليه الصلاة والسلام؟ كلا وألف كلا، لقد مات النبي عليه الصلاة والسلام وبقيت عقيدته ترفرف في سماء الدنيا إلى يوم القيامة.