للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[محافظة الإسلام على الأسرة]

حافظ الإسلام كل الحفاظ على قيام الأسرة، وألا يشوبها أدنى شائبة، ولذلك حرم النبي عليه الصلاة والسلام اختلاط الرجال بالنساء؛ لأن اختلاط الرجال بالنساء ينتج عنه نظرة، ثم ابتسامة، ثم ضحكة عريضة توقع المرأة الضعيفة في حبائل الشيطان، فحرم الإسلام الاختلاط مخافة أن يؤدي إلى الفاحشة البينة التي يترتب عليها خراب البيت وفساده واختلاط الأنساب باختلاط المياه، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (لا يسقي أحدكم ماءه زرع غيره) أي: لا يزني أحدكم بامرأة أجنبية.

هذا المراد من الحديث؛ لأن الزنا مغبته عظيمة، أتدرون أن أعظم مغبة للزنا بعد غضب الله تبارك وتعالى التفكك الأسري وبالتالي تفكك المجتمعات.

في مجتمعات أوروبا وأمريكا نسبة تزيد عن ٧٠% لا يعرفون لهم أباً ولا أماً، ولو أن بيننا الآن رجل لا يعرف أباه فهي الحياة البئيسة البغيضة بعينها، فتصور أن مجتمعاً تبلغ فيه نسبة اختلاط المياه بسبب الزنا وغير ذلك ٧٠%، كيف يكون هذا المجتمع؟ مجتمع منحل لا تربطه عقيدة، ولا تربطه مودة ولا إخاء ولا محبة، ولا صلة، ولا أي معنى من هذه المعاني الإسلامية التي أكرمنا الله عز وجل بها، فهي نعمة عظيمة جداً تستحق الشكر كما بين النبي عليه الصلاة والسلام، وكل هذا في سبيل الحفاظ على الأسرة كريمة عزيزة مصونة.

قال عليه الصلاة والسلام: (لا تطرقوا النساء ليلاً) حتى الزوج إذا كان في سفر ولا يعلم وقت مجيئه يمنع أن يطرق بابه ليلاً؛ حتى لا يجد ما يكره، أو لتستحد المغيبة وتمتشط الشعثة، أي: تتجمل لزوجها، وتحلق ما يسن لها حلقه من الإبط والعانة، وتتجمل بأحسن الزينة لزوجها، وتتطيب فتلقى زوجها في أحسن زينتها؛ لأن زوجها يجب ألا يقع أنفه، ولا سمعه، ولا بصره من امرأته إلا على ما يحب، أما لو فاجأ الرجل امرأته من سفر طويل بعيد فربما رأى ما يكره فأحدث ذلك نفرة بينه وبين زوجه قد تؤدي في نهاية الأمر إلى الطلاق والفراق وخراب البيت وتشريد الأولاد، ويكون ذلك بسبب ترك سنة يراها الناس يسيرة.

أما الصحابة فلم يكونوا كذلك، إنما كانوا يأخذون أمره عليه الصلاة والسلام مهما دق أو جم كأعظم ما يكون الأمر بالنظر إلى قدر وعلو الآمر لا بالنظر إلى مجرد الأخذ، وقال عليه الصلاة والسلام: (ليس منا من خبب امرأة على زوجها)، وخبب بمعنى: أفسد امرأة على زوجها، وأنتم تعلمون أنه قد استشرى في مجتمعات المسلمين أن الجار يمازح جارته، ويلاطفها، وهو مع زوجته من أعبس الناس، وهذه الجارة من أعبس النساء كذلك مع زوجها، ولكنها تتلطف وتضحك الضحكات العريضة لتوقع الجار بحبائلها، في الوقت نفسه زوج هذه المرأة يلاطف زوجة ذلك الرجل، فكأن هذه المرأة تزوجت جارها، وكأن هذه الجارة تزوجت جارها، فكل يميل إلى أخرى بالحرام، كما أن كل أخرى تميل إلى آخر في الحرام، وبذلك يفسد المجتمع بسبب كلمة، ولذلك نهى سلفنا رضي الله عنهم أن يلاطف الواحد منا طفلاً وأمه تنظر إليه، انظر إلى هذه الدقة من نظر علمائنا البعيد إلى صلاح القلوب وترك الأهواء، تصور لو أنك أخذت طفلاً رضيعاً فمازحته ولاطفته وقبلته وأمه تنظر إليك ماذا سيقع في قلبها؟ لن يقع إلا الحب، والميل لك، وبالتالي تقارن المرأة بينك وبين زوجها الذي ربما لا يقبلها، أو لا يروق له أن يقبلها أو يقبل حتى ولده، فتقول: إن فلاناً كان يفعل كذا وكذا بولدك وأنت حتى لا تفعل، وكلمة من هنا وكلمة من هناك حتى يقع المحظور ويخرب البيت، ولذلك حرص الإسلام دائماً على أن يبقى البيت المسلم بكماله وتمامه في العز والسرور والهناء والسعادة، وأنكر كل شيء ممكن أن يعكر عليه.

الإسلام نهى عن الشذوذ، ونهى عن اللواط بين الذكور، ونهى عن السحاق بين النساء، ونهى عن الاستمناء للرجال والنساء سواء؛ لأن هذا أمر سرعان ما يخل بالبيت المسلم، ولذلك كثير من الشاب الآن يتوجه في أول ليلة له بهذا

السؤال

يا شيخ! أنا إلى الآن ما قارفت امرأتي ولا أستطيع، فإني أشتهيها وأنا بعيد عنها، فإذا قربت منها انطفأت نار الشهوة عندي.

كل هذا بسبب الاستمناء أو المخالفات الشرعية قبل الزواج.

وخراب بيت إذا ضم إلى خراب بيت آخر وثالث ورابع وعاشر، ومئات، وآلاف، فبخراب هذه البيوت يخرب المجتمع بأسره، فانظر إلى أي مدى حرص الإسلام كل الحرص على صلاح البيت حتى يصلح بالتالي من مجموع هذه البيوت المجتمع المرجو.

<<  <  ج: ص:  >  >>