ومنها: ترك الغل والضغينة وأمراض القلب، ولزوم الصفح والعفو عن الإخوان، قال هلال بن العلاء: جعلت على نفسي ألا أكافئ أحداً بشر ولا عقوق؛ اقتداء بهذه الأبيات: لما عفوت ولم أحقد على أحد أرحت نفسي من غم العداوات فأول نتيجة للعفو والصفح أنه يريح النفس من الرد على هذا.
إني أحيي عدوي حين رؤيته لأدفع الشر عني بالتحيات وأظهر البشر للإنسان أبغضه كأنه قد حشا قلبي مسرات وأنشد أحمد بن عبيد عن المدائني: ومن لم يغمِّض عينه عن صديقه وعن بعض ما فيه يمت وهو عاتب ومن يتتبع جاهداً كل عثرة يجدها ولا يسلم له الدهر صاحب يعني: لن يسلم لك صاحب ليس عليه عتاب ولا عيوب، فهو بشر جبل على النقص والعيب، ولو أنك التمست صديقاً لا عيب فيه فلن تجد، وستكره حتى نفسك بعد هذا؛ لأن فيك عيوباً.
والنبي عليه الصلاة والسلام كان حسن الخلق جداً حتى مع عبدة الأصنام والأوثان، بل ومع المنافقين الذين أطلعه الله عز وجل على ذواتهم، وأسمائهم، وقد (استأذن رجل على رسول الله عليه الصلاة والسلام فقال: من؟ فقال: فلان، فقال: ادخل بئس أخو العشيرة، فلما دخل هش في وجهه، فلما خرج قالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله! قلت كذا وكذا، فلما دخل هششت وبششت في وجهه! فقال النبي عليه الصلاة والسلام: إن هؤلاء أقوام تبغضهم قلوبنا، وشر الناس من يتقى لفحشه).
فهذا إنسان فاحش، وأنا أتجنب فحشه بطلاقة وجهي وبشاشتي في وجهه، وهذا يسميه أهل العلم المداراة، وهو ليس نفاقاً.