قال زيد بن أسلم: مر ابن عمر براع يرعى إبلاً فقال: هل من جزرة؟ فقال: ليس هاهنا ربها، أي: ليس هاهنا مالكها، قال ابن عمر: قل له: أكلها الذئب، ابن عمر يختبر ذلك الراعي؛ فإن ابن عمر من أكثر الصحابة لزوماً للسنة، قال: فرفع يده إلى السماء وقال: فأين الله؟ راعي الغنم يراقب الله عز وجل في عمله، فما بال كثير من الإخوة إذا عملوا في تجارة فكبر عليهم أربعاً، فقال: فأين الله؟ فقال ابن عمر: أنا والله أحق أن أقول: أين الله؟ واشترى الراعي والغنم فأعتقه وأعطاه الغنم.
وروى ابن الجوزي هذه القصة عن نافع مولى ابن عمر لا عن زيد بن أسلم، فقال نافع مولى ابن عمر خرجت مع عبد الله بن عمر في بعض نواحي المدينة ومعنا أصحاب له فوضعوا سفرة له، فمر بهم راع فقال له عبد الله بن عمر: هلم يا راعي إلى هذه السفرة، فقال: إني صائم، فقال له عبد الله في مثل هذا اليوم الشديد؟ أي: تلبث في هذه الشعاب في آثار هذه الغنم، وبين الجبال ترعى وأنت صائم، فقال له الراعي: أبادر في أيامي الخالية، أي: أبادر عملي الصالح في أيامي الخالية، فعجب ابن عمر وقال له: هل لك أن تبيعنا شاة، تجتزرها ونطعمك من لحمها ما تفطر عليه ونعطيك ثمنها؟ فقال الراعي: إنها ليست لي إنها لمولاي، قال: فما عسى أن يقول لك مولاك إن قلت: أكلها الذئب؟ فمضى الراعي وهو رافع إصبعه إلى السماء وهو يقول: فأين الله؟ قال: فلم يزل ابن عمر يقول: قول الراعي: فأين الله؟ فما أن قدم المدينة بعث إلى سيده واشترى منه الراعي والغنم، فأعتق الراعي ووهب له الغنم، مكافئة له على حسن اعتقاده بالله عز وجل.