ومنها: ترك الحسد، فهو من أعظم عوامل تآلف القلوب، واحتفاظها بالود القائم بينها، ولو علم عن صاحب أنه يحسد ويستكثر نعمة الله عز وجل على إخوانه وأصحابه فسينفضون عنه وينفرون منه، فترك الحسد أعظم عامل على دوام الصحبة وبقائها، فعلى المرء أن يفرح بذلك ويحمد الله على ذلك، كما يحمده إذا كانت هذه النعمة عليه هو، والله تعالى ذم الحاسدين على ذلك بقوله:{أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}[النساء:٥٤]، فهو فضل الله عز وجل، والحاسد لم يؤمن بقضاء الله وقدره المقدر قبل خلق السماوات والأرض؛ لأنه لو آمن بهذا القدر لبارك لإخوانه ما آتاهم الله تعالى من فضله، وحمده تبارك وتعالى على ما أنعم به عليه، أو صبر على ما وقع به من بلية وكرب، فإن من العباد عباداً فقراء لو أغناهم الله تبارك وتعالى لكفروا بهذه النعمة، وإن من العابد عباداً لو أفقرهم الله لكان الفقر سبباً في هلاكهم بل وفي كفرهم، فالله عز وجل حكيم يضع نعمه حيث شاء، فإذا وضع نعمة المال أو الصحة أو العافية أو الفراغ عند عبد فإنما وضع ذلك لحكمة عظيمة، وإذا نزع ذلك من عبد فإنما نزعه لحكمة عظيمة، علمها من علمها وجهلها من جهلها، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام:(كاد الحسد أن يغلب القدر).