للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النهي عن الحسد والبغضاء]

وقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض)، ثم قال النبي عليه الصلاة والسلام بعد أن حذر من هذه الأمراض: (وكونوا عباد الله إخوانا)؛ ليدل على أن من أتى بهذه الخصال الذميمة، وهذه المساوئ من الأخلاق فلن يستطيع أن يحقق الأخوة الإيمانية، ولن يكون عبداً لله عز وجل كما تنبغي العبودية له سبحانه وتعالى، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (وكونوا عباد الله إخواناً).

فحذر النبي عليه الصلاة والسلام من الحسد، وهو داء الأمم السابقة، وهو خلق من أخلاق أهل الكتاب -اليهود والنصارى- لا من أخلاق المسلمين، كما قال الله عز وجل: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} [البقرة:١٠٩]، فبين الله عز وجل في هذه الآية أن الحسد خلق من أخلاق أهل الكتاب، وليس خلقاً لأهل الإسلام.

كما بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح سنته فقال: (دب إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد والبغضاء، والبغضاء هي الحالقة، لا أقول حالقة الشعر ولكنها حالقة الدين).

فالحسد والبغضاء يحلقان دين المرء، فانتهوا عن الحسد الذي هو تمني زوال النعمة عن المنعم عليه وانتقالها عنه، ومن الحسد ما هو شر من ذلك، وهو تمني المرء زوال النعمة عن إخوانه وإن لم يبلغوا شيئاً منها، ويسعد هو ويفرح كل الفرح بزوال النعمة عنهم، ولو تعرى هو عن تلك النعمة، ويسعده ويبسطه ويفرحه أن يكون الكل مثله أو أقل منه، وهذا بلا شك ينبئ عن قلب مريض سيئ الحظ في الدنيا والآخرة، فالحسد والبغضاء ليسا من أخلاق أهل الإسلام.

وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (ولا تباغضوا) والبغض هو حمل القلب لكل شر وسوء تجاه المسلمين، فلا ينبغي أن يكون المسلم على هذا الخلق الذميم.

<<  <  ج: ص:  >  >>