[تعقيب على الشيخ أحمد حكمي في تفسير الحوض بالكوثر]
قال الشيخ أحمد حكمي فيما جاء في الحوض والكوثر: وحوض خير الخلق حق وبه يشرب في الأخرى جميع حزبه قوله: (حوض خير الخلق) أي: حوض نبينا صلى الله عليه وسلم، ثم قال: وهو الكوثر الذي أعطاه ربه عز وجل، وهذا -بلا شك- كلام غير سديد، فليس الحوض هو الكوثر، ولكن الشيخ أحمد حكمي عليه رحمة الله -هو من أئمة السنة- ذهب مذهباً مرجوحاً، وهو إثبات أن الحوض هو الكوثر، فقد صح الحديث في أن الكوثر في الجنة، وأن الحوض في عرصات يوم القيامة، وبينهما طريقان: أحدهما من ذهب، والآخر من فضة.
روى البخاري عن ابن عباس: أنه قال في الكوثر: هو الخير الذي أعطاه الله إياه.
قال أبو بشر: قلت لـ سعيد بن جبير: فإن الناس يزعمون أنه نهر في الجنة، فقال سعيد: النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه.
يعني: بعض الناس يقولون: الكوثر عبارة عن نهر، والنهر في الجنة، فقال: هذا لا يختلف مع كلام ابن عباس، فإذا كان الكوثر هو نهر في الجنة، وأنتم تقولون: الخير هو نهر في الجنة فلا بأس أن يكون هذا هو نهر الكوثر، إنما أورد المؤلف هذا الحديث لإثبات أن الحوض هو الكوثر، وليس كذلك.
قال: وقد ورد في ذكر الحوض وتفسير الكوثر به وإثباته وصفته من طرق جماعة من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم فاشتهر واستفاض، بل تواتر في كتب السنة من الصحاح والحسان والمسانيد والسنن.
وهذا كلام غير صحيح، فهو بالفعل قد ورد في ذكر الحوض وبيان صفته دون تفسير الكوثر به، هذه الأحاديث المتواترة.
فممن روى ذلك من الصحابة أنس وابن عمر وحارثة بن وهب وجندب البجلي وسهل بن سعد وعائشة وعد أناساً كثيرين من الصحابة فوق الثلاثين.
وفي حديث أنس: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لما عرج به إلى السماء قال: أتيت على نهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف، فقلت: ما هذا يا جبريل؟! قال: هذا الكوثر).
فالشيخ أحمد بن حكمي يورد هذا لبيان أن الكوثر هو الحوض، مع أن الرواية ليس فيها ذكر للحوض، إنما فيها ذكر أن الكوثر نهر أصله في الجنة.
وقال البخاري كذلك: عن أنس بن مالك عن النبي عليه الصلاة والسلام: (بينما أنا أسير في الجنة إذا أنا بنهر حافتاه قباب الدر المجوف، قلت: ما هذا يا جبريل؟! قال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربك، فإذا طيبه أو طينه -شك هدبة الراوي- مسك أذفر).
وقال أنس بن مالك: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إن قدر حوضي كما بين أيلة وصنعاء من اليمن، وإن فيه من الأباريق بعدد نجوم السماء).
وفي لفظ: (ما بين ناحيتي حوضي كما بين صنعاء والمدينة).
وفي لفظ: (ترى فيه أباريق الذهب والفضة كعدد نجوم السماء).
وفي رواية عند البخاري قال: (ليردن علي ناس من أصحابي الحوض حتى إذا عرفتهم اختلجوا دوني، فأقول: أصحابي أصحابي، فيقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك).