أما عن الحقوق التي تترتب على الزوجين فإن أول حق بينهما هو حسن العشرة، ولذلك قال الله تعالى بصيغة الأمر الذي يفيد الوجوب ولا صارف له، قال:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوف}[النساء:١٩]، والأمر وإن كان موجهاً إلى الرجال خاصة إلا أنه لا يمنع أن يوجه إلى النساء كذلك؛ لأنه لا يتصور أن الله عز وجل أمر الرجال بحسن العشرة، وجعل للنسوة سوء العشرة، لا.
بل هناك نصوص أخرى بينت للمرأة ما لها وما عليها، ولذلك قال تعالى:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[البقرة:٢٢٨]، فهي حقوق وواجبات لابد من الوفاء بها في الجانبين، قال تعالى:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}[النساء:١٩]، ولذلك بين النبي عليه الصلاة والسلام المراد من هذا النص فيما أخرجه مسلم أنه قال عليه الصلاة والسلام:(لا يفرك مؤمن مؤمنة)، يفرك: يبغض، والمعنى: لا يبغض زوج مؤمن زوجته المؤمنة، (إن كره منها خلقاً رضي منها آخر)؛ لأن المؤمنة لا يمكن أن يجتمع فيها الشر كله، بل فيها وفيها، كما بين النبي عليه الصلاة والسلام طبائع النساء وأصل خلقتهن فقال:(إنهن خلقن من ضلع أعوج، وإن أعوج ما فيه أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وكسره طلاقها)، وإن طلقتها فلن تتزوج إلا امرأة مثلها.
قال تعالى:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوف}[البقرة:٢٢٨]، قال ابن عباس:(إني لأحب أن أتزين لامرأتي كما أحب أن تتزين لي، ولا أحب أن آخذ حقي منها حتى أوفيها حقها)، هذا يفهم منه: أن لامرأته حقاً عليه، كما أن له حقاً عندها.
وقال النبي عليه الصلاة والسلام:(خيركم خيركم لأهله) أحسنكم أحسنكم لأهله، وقال عليه الصلاة والسلام:(يضرب أحدكم امرأته ضرب الأمة -وفي رواية: ضرب العبد- ثم يضاجعها بالليل؟!)، يبين صورة مقززة منفرة لمن يضرب امرأته طوال النهار فإذا جن الليل طلبها للفراش! كيف ذلك؟! وأي نفس تقبل هذا؟! ومن يقوى على المباشرة والإتيان والجماع والحالة النفسية هكذا، إلا أن يكون هو والحيوان سواء بسواء؟! ينزو على امرأته كما ينزو ذكر الحيوان على أنثاه.
ويقول الله تعالى:{وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ}[النساء:٣٦] الصاحب بالجنب هو الزوجة كما قال العلماء.
وسأل معاوية بن حيدة النبي عليه الصلاة والسلام فقال:(يا رسول الله! ما حق امرأة أحدنا عليه؟ قال: أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، وألا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجرها إلا في البيت) فللمرأة عند الرجل حقوق بينها النبي عليه الصلاة والسلام للرجال، وذكر الرجال بالوفاء بها.