للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم العمل بما في الكتب السماوية]

لما سئل النبي عليه الصلاة والسلام عن الحديث عن بني إسرائيل قال: (لا تصدقوهم، ولا تكذبوهم، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج).

وأهل العلم يقولون: إذا كان ما في الكتب السابقة يوافق القرآن الكريم فهو من الحق الذي أنزله الله ولم ينله التحريف والتبديل، وإذا كان يخالف الذي في كتاب الله عز وجل وهو القرآن الكريم، فاعلم أن هذا من التبديل والتحريف، فأنت مطالب بألا تعمل به، وأما المسكوت عنه في كتب أهل الكتاب وليس في القرآن خبر عنه فلا نصدقه ولا نكذبه، ومعنى ذلك: أننا لا نعمل به كذلك، وشريعة من قبلنا ليست شريعة لنا إلا ما وافق شرعنا، ويجب عليك أن تضع هذا الكتاب فوق رأسك، وأن تعمل به، وتعتقد أنه لا يمكن للأمة أن تستعيد مجدها إلا من خلال الكتاب، ومن خلال هذا النبي عليه الصلاة والسلام، فإن هذه الأمة قد اكتملت لديها مقومات الحياة ومقومات العز والمجد، وليست هناك على وجه الأرض أمة تملك مقومات الحياة من الأرض الشاسعة الواسعة غير هذه الأمة، كما أنها تملك هذا الدستور الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وكل الدساتير يأتيها الباطل من كل مكان، بل هي في ذاتها باطلة، فلما كان هذا الكتاب بين أيدينا، وكان النبي عليه الصلاة والسلام موجود بيننا بسنته، وهذه الأرض الواسعة التي لم تستغل إلى وقتنا هذا، وهذه مقومات أي أمة، فنحن نملك المقومات بما لا يمكن لأي أمة أن تقوم على أحسن مما نحن فيه وعليه، ومع هذا فهذه الأمة أخس الأمم، وأضل الأمم؛ لأنها تخلت عن أمر الله وأمر رسوله، فالعيب ليس في الكتاب، وإنما العيب فينا نحن، ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام قال: (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا أبداً)، هذا خبر وجب صدقه وتصديقه، إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن هذه الأمة لا يمكن أن تقوم لها قائمة إلا بالكتاب والسنة، فلابد أن نوقن أننا لو كنا على الكتاب والسنة لحصلنا على النصر والتمكين، أما وإنه لا يوجد نصر ولا تمكين، فلأننا تخلينا عن الكتاب والسنة، ولذلك انظر إلى ما نحن فيه الآن، وانظر إلى ما كان فيه الصحابة من تمكين، وعز، ومجد، وفتوحات، وإذلال للكافرين ودحرهم، كل ذلك بتمسكهم بالكتاب والسنة، فهذا هو السائد، وأما نحن فأهواء، وضلال، وكل واحد على مزاجه، ولا فلاح لنا؛ لأننا تخلينا عن الدستور الأعظم، وكان كل منا متخذاً من هواه وعقله دستوراً لنفسه، فكيف تسلم الأمة من الضلال والحيرة والتيه، وكل واحد قد اتخذ إلهه هواه؟!

<<  <  ج: ص:  >  >>