[علامات حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم]
رب سائل يسأل فيقول: أنا لا أدري إذا كنت حقيقة أحب الله ورسوله أم لا، فهل هناك شيء من العلامات أو الأمارات التي إذا شعرت بها علمت أنني أحب الله ورسوله؟ أقول: ما ترك النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً يقربنا إلى الله إلا وقد دلنا عليه، وفي ذلك روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (ثلاث من كن فيه)، ثلاث خصال إذا توافرت في العبد كان محباً لله ورسوله، وكان مؤمناً خالصاً.
(ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان)، وهل الإيمان له حلاوة، له طعم، له لذة؟ نعم له لذة يشعر بها المتقون، العابدون، الحامدون، الراجعون إلى الله، أما الذين ركبوا هواهم، واقترفوا المعاصي، وتركوا الأوامر فلا يشعرون بشيء من ذلك عقوبة لهم.
(ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما).
إذا أمرك أبوك بأمر يخالف شرع الله، فقل له: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق).
إذا حاد ولدك عن الطريق فأدبه كما أمرك الله ورسوله، ولا تقل: إن الولد في سن المراهقة، ثم إذا كبر قلت: إن الولد في سن الشباب، فدعه يتمتع بعمره وأيامه، وإذا كبر أكثر قال الناس: خرف الرجل؛ لأنه قد طعن في السن، فمتى يتربى المرء على دين الله إذا كان في كل طور من أطوار حياته له عذر في المجتمع، في الابتعاد عن دين الله وعن شرعه؟! متى يتربى المسلمون؟ ومتى يوحدون الله عز وجل؟ ومتى يأتمرون بأوامره، وينتهون عما نهاهم؟ (وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله) أداة حصر وقصر، ألا يربطك بأخيك إلا كتاب الله وسنة الرسول والمسجد.
هذا هو الرباط المتين، وهو الإيمان الكامل، (من أحب في الله، وأبغض في الله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان).
فهل أنت تحب من بجوارك لله؛ لأنه يصلي ويصوم ويزكي، ويحل الحلال ويحرم الحرام؟ وإن كان
الجواب
لا، فأنت تحبه للدنيا، للمال، للجاه، للسلطان، للرئاسة، للكرسي، بل ربما تحبه لأنك تخونه في أهل بيته، هذا حادث وحاصل وواقع مؤلم! (وأن تكره أن تعود إلى الكفر بعد إذ أنقذك الله منه كما تكره أن تقذف في النار).
من منا يصبر على النار؟ الجواب: لا أحد، ومن فعل ذلك وصف بأنه مجنون! فكذلك من ترك الإيمان والصفاء والنقاء، ورجع إلى الكفر بعد أن عرف الإيمان فقد ذهب عقله، وذهب دينه، واحترق لحمه بالنار.
وقد حدد الله عز وجل في كتابه في سورة التوبة أنواعاً من المحبة فقال: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا} [التوبة:٢٤] فانتظروا: {حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} [التوبة:٢٤] إذا كانت هذه الأصناف الثمانية أحب إليكم من الله ورسوله، وجهاد في سبيله، فانتظروا العقوبة من الله عز وجل: {وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة:٢٤].
فكم منا من يقدم زوجه على الله، وكم منا من يقدم هواه على الله، وكم منا من يحب الدينار والدرهم والدولار أكثر من حبه لله.
وأنا متأكد أن الفئة العظمى من الناس تقول: أنت قد أخطأت الحساب، فهل أحد يحب الدولار أكثر من حبه لله؟ إن ذلك يا إخوة عجيب له علامات، إذا كنت مرابياً فقد قدمت رباك على ربك، وأحببت الدينار والدرهم أكثر من حبك لله.
ولذلك بين الله عز وجل أمارة الحب والصدق في الحب، فقال سبحانه: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} [آل عمران:٣١] شرط وعلامة حبك لله أن تكون متبعاً للرسول صلى الله عليه وسلم بما جاء به من كتاب وسنة.
{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} [آل عمران:٣١] هذا في نفسه: {يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران:٣١].