كذلك العمل لدى الكفار وتحت ولايتهم بغير ضرورة ولا حاجة، أما إذا دعت الضرورة أو الحاجة فلا بأس، على أن يحرص العامل أن يتخلص من هذا العمل في أقرب فرصة، أما أن يعمل لدى الكافر ويهان ويذل، ويحمل على فعل الحرام، كتقديم الخنزير، وتقديم الخمر في مطاعم أوروبا وغيرها فلا، تجد الطبيب أو المهندس المسلم يعمل خادماً في مطاعم أوروبا يغسل الأطباق، ويمسح البلاط في اليوم مرتين أو ثلاثاً، وهو طبيب أو مهندس، وقد رأينا أستاذ جامعة يقف على مغسلة أطباق في أمريكا، ما هذه الإهانة؟! هو أستاذ حاصل على درجة الدكتوراه في الشريعة الإسلامية في علم المواريث.
كان على هذا الأستاذ أن يعود إلى بلاده ويعطي دروساً خصوصية في الشريعة الإسلامية واللغة العربية، إذا كان دخله يتعدى الألفين أو الثلاثة فيكفي، ماذا يريد من الدنيا بعد ذلك؟! يريد أن يهان وأن يذل، ثم هو بعد ذلك يفاخر الرائح والجائي بأنه أستاذ جامعي، ماذا تصنع بها وقد أهنت نفسك؟! وهنا أشياء من الولاء، لكنها ليست محرمة، بل هي على الجواز.
منها: معاملة اليهود والنصارى بالحسنى ما داموا غير محاربين؛ لأن الكفار منهم المحاربون، ومنهم المسالمون لا يحاربون، يقول الله تعالى:{لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ}[الممتحنة:٨] أي: لا ينهاكم الله تعالى عن القسط والعدل معهم، وكذلك الصدقة على محتاجيهم، تصور أن الإسلام أباح لنا أن نتصدق على اليهودي والنصراني وغير ذلك إذا كان محتاجاً فقيراً، وهذا حق من حقوق الجوار للكفار فضلاً عن المسلمين.
كذلك ينبغي رد التحية عليهم إذا سلموا علينا سلاماً صحيحاً، أن يقولوا: السلام عليكم، نقول: وعليكم السلام، أما (رحمة الله وبركاته) فلا، فليست لهم من الله رحمة ولا بركة.
وكذلك معاملتهم في العقود المالية المباحة التي لم يحرمها الله تعالى علينا، واستعمالهم عند الحاجة إليهم في الأمور التي لا تمس الإسلام، ولا تمس معالم المسلمين الكبرى، والسفر إليهم لأغراض مباحة، مع القدرة على إعلان الدين هناك، نسافر إلى بلادهم لغرض مشروع، بشرط أن نتمكن من إعلان مظاهر الدين الإسلامي، وكذلك زيارتهم لغرض مشروع كدعوتهم للإسلام، ولذلك دخل النبي عليه الصلاة والسلام على غلام من اليهود يعوده وقد بلغه أنه مرض وهو محتضر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الغلام:(يا غلام! قل: لا إله إلا الله، فنظر الغلام إلى أبيه، فقال الأب: أطع أبا القاسم، فشهد الولد بالشهادتين، ثم مات، فخرج النبي عليه الصلاة والسلام وهو يقول: الحمد لله الذي أنجاه بي من النار).
الزيارة مشروعة للكفار في بيوتهم، لكن لا تزورهم لأجل أن تسامرهم وتجالسهم وتضحك وتسخر وتهزأ وتنكت حتى يطلع الفجر، فهذا مما حرمه الله عز وجل عليك.
ومن صور الولاء: مخالطتهم عند اللزوم، مع عدم الركون إليهم، والاستفادة مما عندهم من تقدم بما لا يتعارض مع الشرع، وكذلك أكل طعامهم، والزواج من نسائهم اللاتي لا علاقة لهن بالشرك.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله تعالى لي ولكم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.