[بيع العبد الآبق والدين والطير في الهواء والسمك في الماء وبيع ما لا يملك]
كذلك الذي يبيع العبد الآبق (الهارب) من سيده، أقول لك: أبيعك عبدي الذي هرب بمائة دينار، إذا وجدته وجب البيع، وإن لم تجده وجب البيع، لا علاقة لي بك.
وكذلك بيع الدين، رجل معه شيك بعشرة آلاف يبيعه لآخر بسبعة آلاف على أن يتصرف المشتري في هذا الشيك كيف شاء، ولا يحق له الرجوع على البائع الأول، حتى وإن كان هذا الشيك مزوراً.
كل ذلك من البيوع المحرمة؛ لأنها من بيوع الغرر، كالذي يبيع الطير في الهواء، أقول لك: بعتك هذا الحمام الذي على هذه الشجرة.
أو أبيعك السمك الذي في قناة السويس، أو في البحر الأحمر، أو المتوسط، أو في الترعة الفلانية، كما يفعل الفلاحون إلى يومنا هذا عندما يبيعون السمك في الترع التي في مقابل أراضيهم، فيأتي المشتري فيجعل في أول الأرض وفي آخرها سداً من هنا ومن هناك، فربما وجد سمكاً كثيراً أو ربما لا يجد، فضلاً عن أن هذا الذي باع السمك في الماء أو الطير في الهواء باع ما لا يملك، وهذا حرام، وباع ما لا يقدر على تسليمه وهذا حرام، وباع ما لم يتمكن من نقله إلى رحله، والنبي عليه الصلاة والسلام:(نهى أن يبيع الرجل ما لا يملك، وأن يبيع ما لا يقدر على تسليمه، وأن يبيع الشيء حتى يستوفيه وينقله إلى رحله).
لا تذهب إلى التاجر وتقول: بعني هذه المروحة بمائتين من الجنيهات، خذ الثمن وسأرسل إليك فلاناً فأعطه إياها، وتذهب إلى آخر، وتقول له: إني أملك مروحة في المكان الفلاني فهل تشتريها مني؟ قال: نعم، بكم؟ تقول: بمائتين وخمسين، ثم تقبض الثمن، وتقول: اذهب إلى فلان التاجر فخذها منه، لا يحل هنا البيع إلا بشرط أن تنقل هذه المروحة إلى مكانك، وأن تبتعد بها عن مكان البيع والشراء الأول، (نهى النبي عليه الصلاة والسلام أن يبيع الرجل السلعة حتى ينقلها إلى رحله)، كما في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر.
وكذلك بيع اللبن في الضرع، لا يعلم الإنسان كمية اللبن، فكيف يبيع اللبن في الضرع؟ أو يبيع الطير في الهواء؟ أو السمك في الماء؟ أو الحمل في البطن؟ كيف يبيع شيئاً مجهولاً أو معدوماً، كل هذه من البيوع المحرمة.