للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حال المشرك في الدنيا والآخرة]

والنموذج الثاني قوله تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ * حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج:٣٠ - ٣١].

انظر إلى هذا المثل العظيم للإيمان والكفر، للتوحيد والشرك، يقول تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج:٣٠]؛ لأن هذا يؤدي إلى الشرك.

ما هي النتيجة وما هي الثمرة لو فعلتم ذلك؟ كنتم: {حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ} [الحج:٣١]، لو أنكم اجتنبتم الرجس من الأوثان، وعبادة الأصنام، والأزلام، فإنكم قد حققتم توحيد الله أعظم تحقيق.

{وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ} [الحج:٣١]، لو أن رجلاً خر من الدور الثاني، أو الدور الثالث، أو الدور الرابع، فوقع على أم رأسه، فما الذي يحدث له؟ سيموت ويقبر، فما بالكم بمن يخر من السماء؟! وفي الحديث: (أن بين السماء الدنيا وبين الأرض مسيرة خمسمائة عام للراكب المسرع)، تصور أنك تهوي من السماء -على فرض أنها السماء الدنيا وليس السابعة- على أم رأسك مسيرة خمسمائة عام في هذا الطريق الطويل، ثم بعد ذلك: {فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج:٣١]، بعيداً في الأرض، في الظلمات التي لا يمكن بعد ذلك أن يرى له معها أثر، هذا مثل لخبث الشرك وأنه يفعل بصاحبه هكذا، وإن لم يكن في الدنيا ففي الآخرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>