وإذا أردنا أن نعرف ما هي التزكية فلابد أن نعرف أن الزكاة في اللغة: هي النماء والزيادة، ولذلك قال الله عز وجل:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً}[التوبة:١٠٣] ماذا تعمل: {تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}[التوبة:١٠٣]، فالزكاة إذا أخذت من المال كانت طهرة لهذا المال، كما أنها طهرة لنفس المزكي، يعني: هي طهارة وطهرة تعود على المزكي وعلى المال المخرج كذلك، فإن المال إذا كنزه صاحبه ولم يخرج زكاته لابد وأنه سيئول إلى زوال، بل ويتحول إلى نقمة يوم القيامة فيعظ صاحبه ويقول: أنت ضيعتني ضيعك الله عز وجل، أما إذا أخرج من هذا المال الزكاة فإن هذا المال يجعل بقية المال طاهراً نقياً يهنأ به صاحبه في الدنيا والآخرة:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ}[التوبة:١٠٣] أي وادع لهم: {إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ}[التوبة:١٠٣]، ولذلك يسن لجابي الزكاة أن يدعو للمزكي بالخير والبركة:{وَصَلِّ عَلَيْهِمْ}[التوبة:١٠٣]، أي: وادع لهم يا محمد، إن دعاءك خير وبركة تعود عليهم، أي: على أهل الزكاة.
فالزكاة: هي النماء والزيادة، والمرء الذي زكت نفسه ونمت وارتفعت وعلت بطاعة ربها يشعر صاحبها أن روحه تحلق في السماء السابعة، تحلق تحت العرش وتحوم حوله، بخلاف من دس نفسه، وعمل بالمعصية، ولم يكترث باقترافه للذنوب والآثام، فإنه يشعر أن روحه في أسفل سافلين، تحوم حول الحشوش والأنتان، فشتان بين النفس الزكية، والنفس المدسوسة، فإذا أراد الواحد منا أن يزكي نفسه، وأن يعمل على نمائها، وأن يعمل على زيادتها، وأن يعمل على صلاحها، وأن يعمل على رفعتها، فلابد أن يسلك طريق الطاعة، وطريق الطاعة له سبل، وأسس، وقواعد، ينبغي أن يتخذها لنفسه أولاً بأول.