ومن أسباب الهلاك كذلك: المحسوبية والرشوة التي يعمل بها كل فرد من أفراد الأمة الآن إلا من رحم الله عز وجل، ولذلك لما سرقت تلك المرأة المخزومية القرشية الشريفة أرادت قريش أن تعفيها من الحد، فقالوا:(من يكلم فيها رسول الله؟ قالوا: ومن يجرؤ عليه إلا حبه، إلا أسامة بن زيد بن حارثة، فذهب أسامة ليشفع لهذه المرأة المخزومية ألا يقام عليها الحد، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: يا أسامة! أتشفع في حد من حدود الله عز وجل؟) حتى ندم أسامة ندماً شديداً على ذلك، (قال: والذي نفس محمد بيده! لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها) لا محسوبية حتى في بيت النبوة، قال:(ولا تكونوا كالذين من قبلكم، كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد) أما وضع الأمة اليوم من كان له ظهر لا يضرب على بطنه.
هذه ترجمة عملية للمحسوبية.
أخرج الطبراني من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما:(أنه لما رجعت مهاجرة الحبشة إلى النبي عليه الصلاة والسلام قال: ألا تحدثوني بأعجب ما رأيتم في أرض الحبشة؟ قالوا: نعم يا رسول الله! لقد كان منهم فتية مرت بهم عجوز قد وضعت على رأسها قلة فيها ماء، فقام إليها أحدهم فوضع يده بين كتفيها ودفعها دفعة سقطت على ركبتيها فانكسرت قلتها، فقامت وقالت: يا غدر! - أي يا غدار - غداً ستعلم إذا وضع الله الكرسي وجمع الأولين والآخرين، غداً ستعلم بين يديه أمري وأمرك.
قال النبي عليه الصلاة والسلام: صدقت، صدقت، صدقت.
كيف يقدس الله تعالى أمة لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم؟).