الآية السادسة: وهي قوله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ}[فاطر:١٠]، فهذا دليل أيضاً على علو الله عز وجل فوق مخلوقاته، فالصعود لا يكون إلا للأعلى وهو جهة العلو، بخلاف النزول فإنه إلى جهة السفل، وكذلك الرفع كالصعود، قال تعالى:{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}[فاطر:١٠] لم يقل: ينزله أو يأتيه أو يجريه، وإنما قال يرفعه، فالرفع والصعود لا يكون إلا لله عز وجل في جهة العلو، وهذا أحدث شبهة عند بعض الناس فقالوا: ليس المقصود الصعود وإنما هو كناية عن تقبل الأقوال والأعمال، فالصعود والرفع هنا بمعنى قبول العمل.
والرد عليهم يكون بحديث عبد الله بن السائب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عن وقت يقع بعد الزوال:(إن فيه ساعة تفتح فيها أبواب السماء -ولم يقل: أبواب الأرض- فأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح -وحدد المكان- في السماء ترفع إليه الأعمال)، أي: ترفع إلى الله عز وجل فيه الأعمال ومنه الأعمال، قال:(فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم) ففي هذا القول النبوي دليل واضح على أن هذا الصعود على حقيقته وذلك في قوله: (تفتح فيها أبواب السماء) فأبواب السماء تفتح، لأن الصاعد إنما هو صاعد إلى المولى جل في علاه، وقوله:{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ}[فاطر:١٠]، أي: يرفع ذكر العبد إياه وثناؤه عليه.