[التحذير من الشح وآثاره]
قال صلى الله عليه وسلم: (لا يجتمع الشح والإيمان في قلب عبد أبداً).
وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (أريت الجنة والنار، فرأيت أكثر أهل النار النساء).
وفي الحديث عند مسلم (يا معشر النساء! تصدقن وأكثرن الاستغفار؛ فإني رأيتكن أكثر أهل النار).
وهذا فيه إشارة ودلالة على أن الشح والغفلة عن ذكر الله أكثر في النساء من الرجال.
ثم قوله: (لا يجتمع الشح والإيمان في قلب أحد أبد) قد يكون للتحذير من أن يكون المؤمن شحيحاً؛ لأن الشح في المنع أبلغ وأشد من البخل، فالبخل هو أن يبخل الإنسان بماله على نفسه أو على الناس، وأشد وأنكى من ذلك من يبخل بمال الناس على الناس، فالشحيح أعظم هؤلاء الثلاثة.
فالشحيح يموت ولا يأكل، وأما البخيل فإنه إذا جاع وأحس أنه سوف يموت من الجوع فإنه يشتري ويأكل، وأما الشحيح فمن الممكن أن يموت ويهلك ولا يهون عليه أن يخرج شيئاً من جيبه يشتري به ما يأكله.
والنبي عليه الصلاة والسلام كان يقول: (اللهم أني أعوذ بك من الجبن والبخل).
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لبني سلمة: (من سيدكم؟ قالوا: الجد بن قيس على أننا نبخله، قال: وأي داء أدوأ من البخل -أي: وهل هناك علة أعظم من علة البخل؟ - بل سيدكم بشر بن البراء بن معرور).
فالبخيل لا يستحق أن يكون سيداً، كما أن الجافي الغليظ لا يستحق أن يكون سيداً.
وقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يطلب منه الولاية، فلما رأى النبي عليه الصلاة والسلام يقبل الأولاد، قال: أتقبلون أولادكم وصبيانكم! إن لي عشرة من الولد والله ما قبلت واحداً منهم، فمنعه الولاية، فمن ليس في قلبه رحمة لأولاده فكيف يرحم الناس؟ وهذا الرجل هو الأقرع بن حابس رضي الله عنه.
وعن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ثلاث مهلكات: شح مطاع -وإذا كان الشحيح سيداً فلا بد أن يقود الأمة إلى الهلاك-، وهوى متبع -أي: الحكم بالهوى وليس بالكتاب ولا بالسنة ولا بمنهج مستقيم-، وإعجاب المرء بنفسه).
وقال سلمان الفارسي: إذا مات السخي قالت الأرض والحفظة: رب! تجاوز عن عبدك في الدنيا بسخائه، وإذا مات البخيل قالت: اللهم احجب هذا العبد عن الجنة كما حجب عبادك عما جعلت في يديه من الدنيا.
وقال بعض الحكماء: من كان بخيلاً ورث ماله عدوه، وإن كان هذا العدو من أقرب المقربين إليه.
ونحن نسمع كل يوم أن ولداً قتل أباه من أجل أن يرث وزوجة قتلت زوجها من أجل أن ترث، ورجلاً قتل أمه من أجل أن يرث، وغير ذلك من الحكايات التي نسمع عنها في كل يوم.
ووصف أعرابي رجلاً فقال: لقد صغر في عيني لعظم الدنيا في عينيه.
يعني: هو عندي حقير؛ لأن الدنيا عظيمة في عينيه.