[التوجه إلى الله عز وجل بإنزال النصر من السماء وعدم الاغترار بالكثرة]
السادسة: لابد أن تعلم أن العبرة بالتأييد الإلهي لا بالعدد والعدة، وإن كان ذلك مطلوباً، لكنه ليس بيت القصيد، أما بيت القصيد فهو التوجه إلى الله عز وجل بإنزال النصر من السماء:{كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ}[البقرة:٢٤٩]، وقال الله تعالى:{وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ}[الحج:٤٠]، ونصر الله عز وجل باتباع أوامره، واجتناب نواهيه، ومحبة أنبيائه، والعمل بتعاليم النبي عليه الصلاة والسلام.
قال أبو الدرداء فيما أخرجه البخاري: إنما تقاتلون بأعمالكم.
أي: أعمالكم هي سبب نصركم أو سبب هزيمتكم.
وقال الحسن البصري: عمالكم أعمالكم.
أي: ولاتكم ورؤساؤكم وحكامكم على قدر أعمالكم، فلستم أنتم بأخير منهم، ولا هم بأفسد منكم، أنتم منهم وهم منكم، وهم جزء من مجتمعكم، وأنتم جزء من مجتمعهم، فحسنوا العمل مع الله عز وجل، وصلوا ما بينكم وبين الله يولي الله تبارك وتعالى عليكم خيار عباده، وإلا فلا، وهذه سنن كونية.
وكان من دعاء النبي عليه الصلاة والسلام إذا لقي عدواً كان يقول:(اللهم إنا نعوذ بك من شرورهم، ونجعلك اللهم في نحورهم)، وكان يقول:(اللهم بك أصول وبك أجول)، وإن كان في سند هذا الحديث ضعف.
إذاً: فلا نصر إلا من عند الله عز وجل، أما الاغترار بالكثرة فليس ينفع عند اللقاء.