[بيان تواتر المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحوض]
باسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
سياق ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحوض: الأحاديث التي جاءت في إثبات حوض النبي عليه الصلاة والسلام من رواية ابن عمر وابن مسعود وجابر بن سمرة وجندب وغيرهم كثير، وهي روايات متواترة باتفاق أهل العلم، فهي متواترة في إثبات الحوض وإثبات صفاته، قد رواها جمع كثير عن الصحابة، وعنهم أضعاف أضعاف التابعين، وهكذا في كل طبقة نازلة.
وأنتم تعلمون أن حكم المتواتر أنه يفيد القطع، فالحديث المتواتر كالآية تماماً بتمام وسواءً بسواء، وهو يفيد العلم الضروري القطعي؛ ولذلك إجماع أهل السنة والجماعة أن من أنكر آية أو حديثاً متواتراً فقد خرج من الملة.
فهذه النصوص صحيحة في إثبات الحوض لنبينا صلى الله عليه وسلم يوم القيامة؛ وذلك تكريماً له صلى الله عليه وسلم ولأمته.
قال ابن حزم الإمام الكبير أبو محمد الظاهري: وأما الحوض فقد صحت الآثار فيه كرامة للنبي صلى الله عليه وسلم ولمن ورد عليه من أمته، ولا ندري لمن أنكره متعلقاً.
يعني: لا ندري علام يستند الذي ينكر الحوض وإلام يتكل؟ ولا يجوز مخالفة ما صح عن النبي عليه الصلاة والسلام في هذا ولا في غيره، فضلاً عما تواتر عنه عليه الصلاة والسلام.
قال الإمام القرطبي في المفهم شرح صحيح مسلم: ومما يجب على كل مكلف أن يعلمه ويصدق به: أن الله سبحانه وتعالى قد خص نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بالحوض المصرح باسمه وصفته وشرابه في الأحاديث الصحيحة الشهيرة التي حصل بمجموعها -أي: بمجموع طرقها وأسانيدها- العلم القطعي؛ لأنه متواتر؛ إذ روى ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة نيف على الثلاثين -يعني: بضع وثلاثون- منهم في الصحيحين ما ينيف على العشرين -أي: على العشرين صحابياً- وفي غيرهما بقية ذلك مما صح نقله واشتهرت رواته، ثم رواه عن الصحابة المذكورين من التابعين أمثالهم ومن بعدهم أضعاف أضعافهم وهلم جرّاً.