قال ابن عمر رضي الله عنهما: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أمامكم حوضاً ما بين جرباء وأذرح) وهما: قريتان بالشام بينهما جبل.
وفي رواية:(بينهما مسيرة ثلاثة أيام).
النقاد طعنوا في هذه الزيادة:(بينهما مسيرة ثلاثة أيام)، وقالوا: هاتان القريتان في الشام الآن معروفتان، وليس بينهما مسيرة ثلاثة أيام، وإنما قد أتت رواية لـ أبي هريرة رضي الله عنه، يقول كما أخرجه عبد الكريم الديرعاقولي في فوائده عن أبي هريرة بإسناد حسن قال:(عرضه مثلما بينكم وبين جرباء وأذرح) عرض الحوض فقط مثلما بينكم الآن وأنتم بالمدينة؛ لأن الخطاب موجه لأصحابه وهو في المدينة عليه الصلاة والسلام.
فهذا الحديث - أي: حديث ابن عمر - فيه نقد من وجهين: الوجه الأول: أنه أثبت أن الحوض عموماً ما بين جرباء وأذرح، وفي الحقيقة هذا النص فيه سقط، وبيانه في حديث أبي هريرة:(إن عرض الحوض ما بينكم -أو: كما بينكم- وبين جرباء وأذرح) فيكون في هذا النص سقط، فيكون عرضه كما بين المدينة وأيلة، أو كما بين المدينة وجرباء وأذرح، أو ما بين المدينة والقدس، كما جاءت الروايات كلها.
والشاهد منها: أن النبي عليه الصلاة والسلام ما أراد تحديد طول الحوض وعرضه على وجه الدقة، وإنما أراد أن يبين أن الحوض طويل.
فقال ابن مسعود رضي الله عنه وجابر بن سمرة وجندب البجلي: سمعنا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (أنا فرطكم على الحوض) ومعنى الفرط: السابق، يعني: أنا أسبقكم على الحوض، وهذا يعني: أنه لا يذهب إلى الحوض ولا يشرب منه أحد قط قبل النبي عليه الصلاة والسلام لا نبي مرسل ولا أحد من أتباع الأنبياء، فأول من يشرب من الحوض هو نبينا عليه الصلاة والسلام.
قال:(أنا فرطكم) يعني: أنا أسبق إنسان يذهب إلى الحوض ثم أنتم بعد ذلك تأتون.