الصنف الثالث: أصحاب النزعات البدعية، وإن لم ينتموا إلى فرقة من الفرق، وهي نزعات في طريق الدعوة إلى الله عز وجل، أو في كيفية الدعوة إلى الله عز وجل، أو في كيفية عبادة من العبادات، كأن تكون نزعة شخصية لشخص لا علاقة له بالصوفية ولا بغيرها، لكنه يبتدع بدعة لنفسه، ويتقرب بها إلى الله عز وجل، فهي طريقة في العبادة اخترعها من عند نفسه ليس عليها دليل سابق، ويزعم أنه يتقرب بها إلى الله عز وجل، فهذا كذلك صاحب هوى بعيد عن الدليل.
ومما ساعد على انتشارهم سكوت بعض الدعاة عن نصحهم تأليفاً للمسلمين ولم الشمل بزعمهم، فلماذا لا يكون الشمل على أسس متينة من كتاب الله ومن سنة النبي عليه الصلاة والسلام؟! كم من بدعة أطلت برأسها وسكت عنها العلماء؛ لأنهم لا يستطيعون أمام الانتشار وهذا المد العظيم أن ينكروها أو يبينوا خطرها؛ ولأنهم إن أنكروا قامت الخلافات وتبادلوا سهام السباب والشتام.
وقد بلغني أن كبير جماعة من الجماعات قال: والله أقسم بربي أن من ترك الخروج أربعين يوماً، أو ثلاثة أيام أو أربعة أشهر؛ فهو مشرك مرتد عن ملة الإسلام، ورب السماء الذي رفعها وبسط الأرض قال هذا، وهو كبيرهم الذي يشار إليه بالبنان هنا وهناك.
فلو أن الأمة أنكرت من أول الأمر على صاحب البدعة ما كان وصل الأمر إلى هذا الحد، ولكن على أية حال نقول: لا ننسى أن هذه الجماعة لها فضل في السمت والهدي والأخلاق والسلوك والعبادة وقيام الليل وغير ذلك، وندعو الله تبارك وتعالى أن يمن عليهم بنعمة الالتزام بالعلم الشرعي والعقيدة الصحيحة، والدعوة إلى الله تبارك وتعالى على بصيرة كما كان النبي عليه الصلاة والسلام يفعل.